للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (وإن كان ضيقاً فاتزر به) أي: وإن كان الثوب ضيقاً لا يكفي للارتداء والاتزار، فاتزر به فقط، والاتزار: ستر أسفل البدن ما بين السرة والركبة؛ لأن القصد الأصلي ستر العورة، وهو يحصل بالاتزار.

قوله: (لا يصلي) قال ابن الأثير: كذا هو في «الصحيحين» بإثبات الياء، ووجهه أن «لا» نافية، وهو خبر عن الحكم الشرعي، أو خبر يراد به النهي، وذكر الحافظ بعد نقله هذا عن ابن الأثير، أنه ورد عند الدارقطني في «غرائب مالك» بلفظ: «لا يصلِّ» بغير ياء (١)، فتكون «لا» ناهية.

قوله: (ليس على عاتقه منه شيء) العاتق: ما بين المنكب والعنق وهو موضع الرداء، يذكر ويؤنث، والجمع عواتق، والمنكب: مجتمع رأس العضد والكتف، وقوله: «شيء» نكرة في سياق النفي، فتعم كل شيء يستر العاتق.

الوجه الثالث: الحديث دليل على أنه إن كان الثوب واسعاً فعلى المصلي أن يلتحف به، فيغطي به من المنكبين إلى ما تحت الركبتين؛ لأنه وجد سترة كاملة.

أما إن كان الثوب ضيقاً لا يكفي ستر كل البدن فليستر به العورة الواجب سترها، وهي من السرة إلى الركبة، وهذا يدل على جواز الصلاة في الثوب الواحد. قال ابن رشد: (اتفقوا على أنه يجزئ الرجل من اللباس في الصلاة الثوب الواحد) (٢).

الوجه الرابع: الحديث دليل على وجوب ستر العورة في الصلاة، فيستر ذلك بالإزار أو بالسراويل، لقوله: «وإن كان ضيقاً فاتزر به»، فإن كان عنده سعة فالمشروع أن يغطي عاتقيه، وقد اختلف العلماء في حكم ستر العاتقين أو أحدهما على قولين:

فالقول الأول: وجوب ستر العاتقين في الصلاة إن كان قادراً، وهو قول


(١) انظر: "تحفة الأشراف" (١٠/ ١٦٧)، "فتح الباري" (١/ ٤٧١).
(٢) "بداية المجتهد" (١/ ٢٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>