للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السر علماء الأمة، وهداة الملة، فوسَّعوا الأمر على العباد في باب القبلة … ) (١).

وهذا الحكم خاص بالسفر، أما من صلى في الحضر لغير القبلة فعليه أن يعيد الصلاة على المشهور من مذهب الإمام أحمد، وذلك لأنه قادر على اليقين، إما بالسؤال، أو برؤية محاريب المساجد، فلم يعذر بالجهل.

قال أبو داود في «مسائله»: (قيل لأحمد وأنا أسمع: هو في مدينة فتحرى فصلى لغير القبلة في بيت؟ قال: يعيد؛ لأن عليه أن يسأل).

وظاهر هذا أنه لا يجتهد في الحضر، وعنه: أنه إذا كان من أهل الاجتهاد فاجتهد فصلاته صحيحة، وهذا قول وجيه؛ لأنه باجتهاده فعل ما يجب عليه، ومن فعل ما يجب عليه فقد اتقى الله ما استطاع، ومن اتقى الله ما استطاع فلا إعادة عليه، وإن لم يكن من أهل الاجتهاد وسأل ثم تبين له خطأ من سأله، فالمذهب أنه يعيد، وقيل: لا يعيد؛ لأنه استند إلى خبر ثقة (٢).

الوجه الخامس: إثبات صفة الوجه لله تعالى، وأنه صفة لله كسائر صفاته التي لا تشبه صفات المخلوقين، بل نثبتها له على ما يليق بجلاله وعظمته {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١]، فلا تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل؛ لأن الأصل في الكلام الحقيقة، فلا يعدل عنها إلا بدليل صحيح، يمنع من حمل الكلام على حقيقته، ومن فسر الوجه بالثواب فتفسيره باطل؛ لأنه خلاف ظاهر النصوص، وخلاف طريقة السلف، وليس عليه دليل، والله تعالى أعلم.


(١) "بغية الأريب في مسائل القبلة والمحاريب" ص (٩٨).
(٢) انظر: "مسائل الإمام أحمد" لأبي داود ص (٤٥)، "شرح العمدة" كتاب "الصلاة" لشيخ الإسلام ابن تيمية ص (٥٤١)، "المبدع" (١/ ٤١١)، "الإنصاف" (٢/ ١١)، "الشرح الممتع" (٢/ ٢٧٩)، "فتاوى ابن باز" (١٠/ ٤٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>