للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأكثر، وهذا القول هو مذهب الجمهور، وهو رواية عن الإمام أحمد (١).

الوجه السادس: الحديث دليل على أن المسافر المتنفل على راحلته يومئ في الركوع والسجود، وظاهر ذلك عدم الفرق بينهما في مقدار الإيماء، لكن جاء في حديث جابر رضي الله عنه قال: بعثني النبي صلّى الله عليه وسلّم في حاجة، فجئته وهو يصلي على راحلته نحو المشرق، والسجود أخفض من الركوع (٢).

وهو يدل على أن السجود أخفض من الركوع، ليكون البدل على وفق الأصل، وقد نص الفقهاء على ذلك (٣).

الوجه السابع: دل الحديث على أن الفريضة لا تصلى على الراحلة، بل لا بد أن ينزل على الأرض ويصليها، لقلتها بالنسبة إلى النافلة؛ ولأنها آكد - كما تقدم - وهكذا لو كان في السيارة، فإنه يقف ويصلي الفريضة.

أما إذا كان الإنسان في الطائرة أو في السفينة، وليس فيهما مكان مخصص لأداء الصلاة وحضرت الصلاة والرحلة مستمرة، ويخشى فوات الوقت قبل نزول الطائرة أو وقوف السفينة، ولم تكن الصلاة مما يجمع مع غيرها، فإنه يصلي حسب استطاعته، فإن استطاع أن يقف ويركع ويسجد فعل ذلك، وإلا صلّى قاعداً وأومأ بالركوع والسجود؛ لعموم قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦] وذلك للإجماع على أنه يجب على المكلف أن يؤدي الصلاة في وقتها حسب الاستطاعة، ولا يؤخرها عنه إذا لم تكن مما يجمع، والله تعالى أعلم.


(١) "الأوسط" (٥/ ٢٤٩)، "الإنصاف" (٢/ ٦٠٥).
(٢) أخرج عبد الرزاق (٤٥٢١)، وعنه أحمد (٢٢/ ٦١)، وأخرجه الترمذي (٣٥١)، وأبو داود (١٢٢٧) وقال الترمذي: (حديث حسن صحيح)، وصححه البغوي في "شرح السنّة" (٤/ ١٨٩).
(٣) "فتح الباري" (٢/ ٥٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>