للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فكبر) أي: للإحرام عقب الاستقبال.

قوله: (ثم صلّى) أي: أتمَّ صلاته، و (ثم) هنا للتراخي في الرتبة؛ لأن الاهتمام بالتكبير أشد لكونه مقارناً للنية، ولذا خُصَّ بالتوجه إلى القبلة.

الوجه الثالث: الحديث دليل على مشروعية صلاة النافلة في السفر كركعتي الضحى، وصلاة الليل، وسنة الوضوء ونحو ذلك، أما السنن الرواتب وهي راتبة الظهر والمغرب والعشاء فالسنة تركها، إلا راتبة الفجر فإنها تصلى في السفر؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان لا يتركها حضراً ولا سفراً.

الوجه الرابع: الحديث دليل على أن المتنفل بالصلاة في السفر على راحلته يستقبل جهة سيره، ولا يلزمه استقبال القبلة، وظاهر الحديث أنه لا فرق بين السفر الطويل والقصير، وهكذا لو أراد إنسان أن يتنفل وهو في السيارة أو في الطائرة أو في السفينة فإنه يسقط عنه الاستقبال، ويصلي إلى جهة سيره، لكن إن تمكن من الاستقبال وأداء الصلاة على الحال الذي تؤدى فيه في غير حال الركوب كما في السفن الحديثة أو الطائرات التي يوجد فيها سعة فإنه يلزمه (١).

الوجه الخامس: دلَّ حديث أنس رضي الله عنه على مشروعية استقبال القبلة حال تكبيرة الإحرام فقط، وحمله بعض العلماء على الوجوب، وهو المذهب عند الحنابلة.

وهذا الحديث مخالف للأحاديث الواردة في «الصحيحين»، كحديث عامر بن ربيعة، وحديث ابن عمر، وأنس رضي الله عنهم، فإنه ليس فيها استثناء تكبيرة الإحرام وأنها إلى القبلة، وإذا كان الحديث سنده حسناً فلا بأس بقبول هذه الزيادة، فإذا فعله الإنسان على سبيل الاحتياط والفضيلة والندب والجمع بين الأخبار فهو حسن، إذا تيسر ذلك، وإلا فالصلاة إلى جهة سيره مطلقاً من أولها إلى آخرها صحيحة عملاً بالأحاديث التي ليس فيها استثناء، وهي أصح


(١) انظر: "غاية المرام شرح مغني ذوي الأفهام" (٣/ ٥٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>