للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شيخ الإسلام ابن تيمية: (ولهذا كان العلماء يجعلون اتخاذ الحرير وأواني الذهب والفضة تشبهاً بالكفار) (١).

وهذا الحكم عام في حق الرجال والنساء، سواء أكان الإناء ذهباً خالصاً أم مخلوطاً بذهب، وسواء أكان فضة خالصة أم مخلوطاً بها، لما ورد من طريق يحيى بن محمد الجاري: حدثنا زكريا بن إبراهيم بن عبد الله بن مطيع، عن أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من شرب من إناء ذهب أو فضة أو إناء فيه شيء من ذلك فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم» (٢).

الوجه الخامس: اختلف العلماء هل تحريم أواني الذهب والفضة مختص بالأكل والشرب كما هو ظاهر الحديث، أو أنه عام في جميع وجوه الاستعمال؟ فالجمهور من أهل العلم على تحريم جميع وجوه الاستعمال، قال القرطبي: (الحديث دليل على تحريم استعمال أواني الذهب والفضة في الأكل والشرب، ويلحق بهما ما في معناهما، مثل: التطيب والتكحل، وما شابه ذلك، وبتحريم ذلك قال جمهور العلماء سلفاً وخلفاً .. ) (٣)، قالوا: لعموم الحديث، وشمول المعنى الذي حرم بسببه، وإنما فُرِّقَ بين الرجال والنساء في التحلي لما يقصد منهن من غرض الزينة للأزواج والتجمل لهم.

قالوا: وخُصَّ في الحديث ذكر الأكل والشرب لأن هذا هو الأغلب استعمالاً، وما عُلِّقَ به الحكم لكونه أغلب فإنه لا يقتضي تخصيصه به، وإذا


(١) "اقتضاء الصراط المستقيم" (١/ ٣٢٢).
(٢) أخرجه الدارقطني (١/ ٤٠)، والبيهقي (١/ ٢٨)، وقال الدارقطني: (إسناده حسن). وحسن إسناده الشيخ عبد العزيز بن باز -رحم الله الجميع-، وقال الحافظ في "فتح الباري" (١٠/ ١٠١): (هذا معلول بجهالة حال إبراهيم بن عبد الله بن مطيع وولده .. ) ويحيى، قال البخاري عنه: (يتكلمون فيه)، وذكره ابن حبان في "الثقات" (٩/ ٢٥٩)، وقال: (يُغْرِب)، وقال ابن عدي في "الكامل" (٧/ ٢٢٦): (وليس بحديثه بأس). وأورد الذهبي هذا الحديث في "الميزان" (٤/ ٤٠٦) في ترجمة يحيى، وقال: (هذا حديث منكر، أخرجه الدارقطني، وزكريا ليس بالمشهور).
(٣) "المفهم" (٥/ ٣٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>