للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نُهي الإنسان عن الأكل والشرب - وهما أكثر حاجة - فما دونهما من وجوه الاستعمال من باب أولى.

ويرى اخرون (١) منهم: الصنعاني (٢) والشوكاني (٣) والشيخ محمد بن عثيمين (٤): أن التحريم خاص بالأكل والشرب، وأما استعمال الأواني في غير الأكل والشرب كالتطيب والتكحل والوضوء والغسل ونحوها فهو جائز، وهؤلاء أخذوا بظاهر الحديث، وقالوا: لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم نهى عن شيء مخصوص، وهو الأكل والشرب فيها، فدل على أن ما عداهما جائز، ولو أراد عموم الاستعمال لنهى عنه، ولم يخصَّ ذلك بالأكل والشرب، قالوا: لأن الأكل والشرب فيهما هو مظهر الفخر والخيلاء في الغالب.

كما استدلوا بما ورد عن عثمان بن عبد الله بن مَوْهِب قال: (أرسلني أهلي إلى أم سلمة بقدح من ماء، فجاءت بجلجل من فضة فيه شعر من شعر النبي صلّى الله عليه وسلّم، وكان إذا أصاب الإنسان عين أو شيء بعث إليها مِخْضَبَهُ، فاطلعتُ في الجلجل فرأيت شعراتٍ حُمْراً) (٥)؛ فهذا استعمال لآنية الفضة في غير الأكل والشرب، وأم سلمة هي راوية الحديث، كما سيأتي إن شاء الله.

قال الشوكاني: (وقياس سائر الاستعمالات على الأكل والشرب قياس مع الفارق، فإن علة النهي عن الأكل والشرب، هي التشبه بأهل الجنة حيث يطاف عليهم بانية من فضة، وذاك مناط معتبر للشارع، كما ثبت عنه (لما رأى رجلاً متختماً بخاتم من ذهب، فقال: «ما لي أرى عليك حلية أهل الجنة؟» أخرجه الثلاثة من حديث بريدة .. ) (٦).


(١) ذكر الحافظ هذا القول ولم ينسبه لأحد. "فتح الباري" (١٠/ ٩٧).
(٢) "سبل السلام" (١/ ٤٩).
(٣) "نيل الأوطار" (١/ ٨٣).
(٤) "الشرح الممتع" (١/ ٦٢).
(٥) أخرجه البخاري (٥٨٩٦)، والمخضب -بكسر الميم- إناء، والجلجل -بجيمين مضمومتين-: هو شبه الجرس، تنزع منه الحصاة التي تتحرك، فيوضع فيه ما يحتاج إلى صيانته. ["فتح الباري" (١٠/ ٣٥٣)].
(٦) "نيل الأوطار" (١/ ٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>