للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولأنها اختصت بمزيد من التأكيد، والأمر بالمحافظة عليها، والتغليظ لمن ضيعها.

قوله: (وقوموا لله) أي: قفوا لله، واللام للتعليل، أي: إخلاصاً وتعظيماً لله تعالى.

قوله: (قانتين) القنوت له معان كثيرة منها: القيام، وعليه قول النبي صلّى الله عليه وسلّم لما سئل: أي الصلاة أفضل؟ قال: «طول القنوت» (١)، ومنها: الدعاء في الصلاة في محل مخصوص من القيام، وعليه قول أنس رضي الله عنه لما سئل: أقنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الصبح؟ قال: نعم، فقيل له: أَوَ قنت قبل الركوع؟ قال: بعد الركوع يسيراً (٢). ومنها: السكوت مع التعظيم، كما هنا.

قوله: (فأُمرنا بالسكوت) أي: أمرنا الله تعالى بقوله: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨] أو أمرنا الرسول صلّى الله عليه وسلّم تفسيراً للآية، ويؤيده قوله: (نهينا).

والمراد بالسكوت: الكف عن الكلام، أي: كلام الناس لا كل كلام؛ لأن الصلاة فيها قراءة وتكبير وتسبيح ودعاء، وهذا كلام.

الوجه الرابع: الحديث دليل على تحريم الكلام في الصلاة فرضاً كانت أو نفلاً، قليلاً كان الكلام أو كثيراً، وأن الكلام مبطل لها لتحريمه ومنافاته لمقصودها، فإن الصلاة صلة بين العبد وربه، فلا ينبغي أن يتشاغل المصلي بغير مناجاة الله تعالى والذل بين يديه.

قال ابن المنذر: (أجمع أهل العلم على أن من تكلم في صلاته عامداً لكلامه، وهو لا يريد إصلاح شيء من أمرها أن صلاته فاسدة) (٣).

وعلى هذا فلا خلاف بين أهل العلم في أن من تعمد الكلام في الصلاة لغير مصلحتها وهو عالم بالتحريم أن صلاته باطلة.


(١) أخرجه مسلم (١/ ٩٤) من حديث جابر -رضي الله عنه-.
(٢) أخرجه البخاري (١٠٠١).
(٣) "الأوسط" (٣/ ٢٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>