للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإنما وقع الخلاف فيمن تكلم ناسياً أنه في صلاة، أو يظن أن صلاته تمت، أو تكلم لمصلحتها، ففي ذلك قولان:

الأول: أن صلاته باطلة، إلا أنهم يفرقون فيما كان لمصلحة الصلاة بين اليسير فلا تبطل والكثير فتبطل، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد (١)، أخذاً بعموم (ونهينا عن الكلام) لأن المصلي قد فعل ما ينافي الصلاة، فتبطل لأنه ليس من جنس ما هو مشروع في الصلاة.

الثاني: أن صلاته صحيحة، وهذا قول مالك، والشافعي، ورواية عن الإمام أحمد، اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية، وجماعة من المحققين (٢)؛ لما يلي:

١ - قصة ذي اليدين، وهي مذكورة في أحاديث «سجود السهو».

٢ - قصة معاوية بن الحكم، كما تقدم.

٣ - قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا}، وقد ثبت في الصحيح أن الله تعالى قال إجابة لهذا الدعاء: «قد فعلت»، وفي رواية: قال: «نعم» (٣).

٤ - عموم حديث ابن عباس: «إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» (٤)، والله تعالى أعلم.


(١) "المغني" (٢/ ٤٤٦).
(٢) "الإشراف" (١/ ٩١)، "المجموع" (٤/ ٨٥)، "الاختيارات" ص (٥٩).
(٣) أخرجه الدارقطني (٤/ ١٧٠)، والبيهقي (٧/ ٣٥٦)، وغيرهما، وهو حديث صححه جمع من أهل العلم، له طرق وشواهد تؤيده من الكتاب والسنة، قال تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: ٥]. وسيأتي شرحه في آخر كتاب "الطلاق" إن شاء الله تعالى.
(٤) رواه مسلم (١٩٩، ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>