للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الحافظ في «التقريب»: (مقبول)، وفي هذا الإسناد انفرد شرحبيل بذكره، كما نص على ذلك ابن خزيمة.

الأمر الثالث: الاختلاف في المتن، فقد جاء من طريق جرير وعبد الواحد بلفظ: (فإن كان في صلاة سبح) مكان قوله: (تنحنح) وجرير وعبد الواحد أوثق من ابن عياش.

وعلى هذا فالحديث لا يثبت بلفظ: (تنحنح) فقد تفرد به ابن عياش، على ما ذكر ابن خزيمة، فإنه قد ترجم على هذا الحديث بقوله: «باب الرخصة في التنحنح في الصلاة عند الاستئذان على المصلي إن صحت هذه اللفظة، فقد اختلفوا فيها»، وممن ضعفه البيهقي (٢/ ٢٤٧)، والطحاوي كما سيأتي، والنووي فإنه قال: (وضعفه ظاهر) (١)، وضعَّفه الألباني (٢)، وقد نقل الحافظ أن ابن السكن قد صححه (٣).

الوجه الثاني: الحديث دليل على أن التنحنح في الصلاة غير مبطل لها، لكن الأفضل للمصلي أن يسبِّح؛ لأن الأحاديث الواردة في التسبيح أقوى، يقول الطحاوي لما ذكر الاختلاف في متن هذا الحديث: (فوقفنا بذلك على أن رواته بالمعنى الأول من التنحنح قد خالفوا فيه، وأن مكان التنحنح المذكور فيه التسبيح في الحديث الثاني، وكان ذلك هو أولى عندنا؛ لأن الآثار التي روتها العامة من أهل العلم فيما ينوب الرجل في الصلاة مما يستعملونه فيه هو التسبيح، وأن ما يستعمله النساء في مثل ذلك هو التصفيق) (٤).

والتنحنح والنحنحة: هو تردد الصوت في الجوف، يقال: نحَّ نحيحاً: تردد صوته في جوفه، والنحيح: هو الصوت يُردد في الجوف (٥)، والله تعالى أعلم.


(١) "المجموع " (٤/ ٨٠).
(٢) "تمام المنة" ص (٣١٢).
(٣) "التلخيص" (١/ ٣٠٣).
(٤) "شرح مشكل الآثار" (٨/ ٥)، وانظر: "الفتاوى" (٢٢/ ٦١٦ - ٦٢٤) ففيها تفصيل وافٍ في النحنحة وغيرها من الأصوات الحلقية.
(٥) "اللسان" (٢/ ٦١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>