للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد احتج الإمام أحمد بهذا الحديث، فقال إسحاق بن منصور: (قلت لأبي عبد الله: هل يسلم على القوم وهم في صلاة؟ قال: نعم، وذكر هذا الحديث) (١).

الوجه الثاني: استدل بهذا الحديث من قال بجواز السلام على المصلي وأنه لا كراهة في ذلك؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم ينكر عليهم سلامهم بل أقرهم عليه، وهذا قول ابن عمر رضي الله عنهما، وهو مذهب الحنابلة والشافعية، ونقل ابن القاسم عن مالك أنه قال: لم يكن مالك يكره السلام على المصلين، وحكى عنه ابن وهب أنه لم يكن يعجبه أن يسلم الرجل على المصلي (٢)، واختار هذا القول ابن المنذر (٣).

والقول الثاني: أنه يكره السلام على المصلي، وهذا مروي عن جابر رضي الله عنه، وبه قال عطاء والشعبي وإسحاق، وهو قول الحنفية، ورواية عن الإمام أحمد؛ لأنه يُشغل قلب المصلي؛ ولأنه ربما غلط فردَّ بالكلام (٤).

الوجه الثالث: استدلّ بهذا الحديث من قال بأن المصلي يرد السلام بالإشارة، وأن الإشارة لا تبطل الصلاة ولو كانت إشارة مفهومة؛ لأنها قليلة لحاجة، وإنما الذي يبطلها الرد بالكلام؛ لأنه خطاب، وهذا قول جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة (٥).

والقول الثاني: أنه يكره للمصلي ردُّ السلام ولو بالإشارة، وهذا قول


(١) "مسائل الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه" برواية إسحاق بن منصور (٢/ ٦٢٤).
(٢) انظر: "المجموع" (٤/ ١٠٥)، "المغني" (٢/ ٤٦٠)، "المدونة" (١/ ١٨٩)، "مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود" ص (٣٧).
(٣) "الأوسط" (٣/ ٢٥٠).
(٤) "مصنف عبد الرزاق" (٢/ ٣٣٧)، "مصنف ابن أبي شيبة" (٢/ ٧٣)، "الأوسط" (٣/ ٢٥٠)، "بدائع الصنائع" (١/ ٢٣٧) "المبدع" (١/ ٥١٣).
(٥) انظر: "المدونة" (١/ ١٨٩)، "المجموع" (٤/ ١٠٣)، "المغني" (٢/ ٤٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>