للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحنفية (١)، واستدلوا بحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنا نسلّم على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - وهو في الصلاة - فيردّ علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه، فلم يرد علينا، فقلنا: يا رسول الله، كنا نسلِّم عليك في الصلاة فترد علينا، فقال: «إن في الصلاة شغلاً» (٢).

قالوا: فيتناول هذا الحديث جميع أنواع الردّ، ولأن في الإشارة ترك سنة وضع اليدين.

والقول الثالث: أن المصلي يرد السلام إذا فرغ من صلاته، وهذا مروي عن أبي ذر رضي الله عنه، وبه قال عطاء والنخعي، بل قال النخعي وسفيان الثوري إذا انصرفت، فإن كان قريباً فاردد عليه، وإلا فاتبعه السلام (٣).

والقول الأول أظهر، فإن الأحاديث الواردة في هذا الباب صالحة للاستدلال بها، وقد احتج بها الإمام أحمد وعمل بها، أما حديث ابن مسعود رضي الله عنه فهو محمول على نفي الرد بالكلام دون الإشارة، جمعاً بين الأدلة (٤).

وعلى القول بأن المصلي يرد بالإشارة، فقد ورد أن الإشارة تكون بالكف على ما تقدم في سياق الحديث، وورد في السنّة صفات أخرى ومنها: الرد بالإشارة بالإصبع، والأظهر أنها السّبّاحة؛ لأنها أيسر؛ ولأن العادة جرت برفعها.

وقد وردت هذه الصفة في حديث ابن عمر - أيضاً - عن صهيب قال: مررت برسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو يصلي فسلمت عليه، فردَّ عليَّ إشارة، وقال الليث بن سعد أحد رواته: لا أعلم إلا أنه قال: إشارة بإصبعه (٥).


(١) "بدائع الصنائع" (١/ ٢٣٧).
(٢) تقدم تخريجه عند الحديث (١٩٢).
(٣) انظر: "مصنف عبد الرزاق" (٢/ ٣٣٨)، "مصنف ابن أبي شيبة" (٢/ ٧٥ - ٨٤)، "الأوسط" لابن المنذر (٣/ ٢٥٣)، "فتح الباري" لابن رجب (٩/ ٣٥٦).
(٤) "الأوسط" (٣/ ٢٢٩).
(٥) أخرجه أبو داود (٩٢٥)، والترمذي (٢/ ٣٦٣)، والنسائي (٣/ ٥)، وأحمد (٣١/ ٢٥٩)، وحسّنه الترمذي.

<<  <  ج: ص:  >  >>