أرسلني أبو جهيم إلى زيد بن خالد أسأله عن المار بين يدي المصلي، فقال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «لو يعلم المارّ بين يدي المصلي ماذا عليه كان لأن يقوم أربعين خريفاً خير له من أن يمر بين يديه».
وقد ذكر العلماء أن ابن عيينة أخطأ في الحديث سنداً ومتناً (١)، أما في السند فلأنه خالف مالكاً والثوري الراويين عن أبي النضر، فروى الحديث عنه مقلوباً، فجعل المسؤول هو زيد بن خالد، والسائل أبو جهيم، وفي لفظ الصحيحين السائل زيد بن خالد والمسؤول أبو جهيم، وهو عندهما من طريق مالك، وكذا رواه في «الموطأ»(١/ ١٥٤) وتابعه الثوري عند مسلم وغيره، ومالك والثوري إذا اجتمعا كانا أولى من ابن عيينة، على أن ابن عيينة روى الحديث على الصواب، فيما أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار»(١/ ٨٣) ومن قبله ابن خزيمة (٢/ ١٤).
أما الخطأ في المتن فقد تفرّد ابن عيينة بلفظة:(أربعين خريفاً) فرواها عن أبي النضر، وهي لم ترد في رواية مالك والثوري عنه، فإن أبا النضر قال: لا أدري أقال: أربعين يوماً أو شهراً أو سنة. وهذه رواية الجماعة، ورواه أحمد، عن ابن عيينة (٢٨/ ٢٨٦) بما يوافق رواية الجماعة ولفظه: (لا أدري من يومٍ أو شهرٍ أو سنةٍ .. )، وما دام أن الأئمة رووا الحديث عن ابن عيينة على الصواب، فلعل الخطأ المذكور من الراوي عنه، والله تعالى أعلم.
الوجه الثالث: في شرح ألفاظه:
قوله:(لو يعلم المار) لو: حرف شرط، يدل على ما كان سيقع لوقوع غيره نحو: لو حضر أخوك لحضرت، أي: كان سيقع حضوري فيما مضى لو حضر أخوك، والتقدير هنا: سيقع اختيار الوقوف في الزمن الماضي لو وقع المرور بين يدي المصلي.
والشرط قوله: يَعْلَمُ، والجواب: لكان أن يقف، وقيل: محذوف تقديره: لاختار أن يقف.