للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الخامس: المصلي إن صلّى إلى سترة حرم المرور بينه وبين سترته، وكذا لو اتخذ سجادة يصلي عليها، فإن هذه السجادة محترمة، فلا يحل لأحد أن يمر بين يدي المصلي فيها.

فإن كان المصلي إلى غير سترة، فإن المحرم ما بين قدمه وموضع سجوده، فلا يحل لأحد أن يمر في هذا الموضع، وإنما قيّد بذلك على الأظهر؛ لأن المصلي لا يستحق أكثر مما يحتاج إليه في صلاته، فليس له الحق أن يمنع الناس مما لا يحتاجه، فإن بعُد المار سلم من الإثم؛ لأنه إذا بعُد عنه عرفاً لا يسمى ماراً بين يديه، فهو كالذي يمر من وراء السترة.

الوجه السادس: الراجح من قولي أهل العلم أن المرور بين يدي المصلي في المسجد الحرام محرم، لا فرق في ذلك بينه وبين غيره، لعموم هذه الحديث، وليس هناك دليل يخص مكة أو المسجد الحرام. ومن تراجم البخاري في صحيحه: «باب السترة بمكة وغيرها» قال ابن حجر: (أراد البخاري التنبيه على ضعف الحديث - يعني حديث المطلب ابن أبي وداعة - وأنه لا فرق بين مكة وغيرها في مشروعية السترة، قال: وهذا هو المعروف عند الشافعية، وأنه لا فرق في منع المرور بين يدي المصلي بين مكة وغيرها) (١).

وقد ثبت في حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما صلّى ركعتي الطواف جعل المقام بينه وبين البيت (٢).

وعن صالح بن كيسان قال: (رأيت ابن عمر يصلي في الكعبة، فلا يدع أحداً يمر بين يديه، يبادره، قال: يرده) (٣).

لكن إن صلّى الإنسان في مكان يحتاج الناس المرور فيه كالممرات الموجودة داخل المسجد الحرام فإن الجناية من المصلي نفسه؛ لأن الحق


(١) "فتح الباري" (١/ ٥٧٦).
(٢) أخرجه مسلم (١٢١٨).
(٣) علّقه البخاري في "صحيحه" بصيغة الجزم (١/ ٥٨٢ فتح) ووصله الحافظ في "تغليق التعليق" (٢/ ٢٤٧) وإسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>