للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وجاء وصف الكلب بأنه أسود في حديث أبي ذر، وأطلق في حديث أبي هريرة فيحمل المطلق على المقيد، ولا يقطع الصلاة إلاّ الكلب الأسود، دون غيره؛ لأنه جاء وصفه بأنه شيطان، فدل على أن وصفه بالسواد مقصود.

وأما الحمار فجاء مطلقاً غير مقيد، وقيّده بعض الفقهاء بالأهلي، قال المرداوي: (وهو الصحيح) (١)؛ لأن اسم الحمار إذا أطلق ينصرف إلى المعهود المألوف في الاستعمال وهو الأهلي، ولأنه يخالف الوحشي في أن هذا طاهر ويباح أكله، وهذه المسألة مبنية على تخصيص العموم بالعرف، كما ذكر ابن رجب، وفرع عليها مسائل كثيرة (٢).

وقيل: الحمار الوحشي كالحمار الأهلي، أخذاً بظاهر اللفظ.

الوجه الرابع: يدخل في عموم الحديث مرور المرأة بين يدي المرأة، فإنه يقطع الصلاة؛ لأنه لا فرق بين الرجال والنساء في الأحكام إلا بدليل.

وذهب ابن حزم إلى أن النساء لا يقطع بعضهن صلاة بعض (٣)، مستدلًّا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها» (٤).

وأخرج عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة قال: (لا تقطع المرأة صلاة المرأة .. ) (٥).

والأول أظهر، لقوة مأخذه، ولا حجة في قول أحد دون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأما دليل ابن حزم فلا حجة فيه؛ لأن الحديث في صلاتهن جماعة، والمرأة لو مرّت بين صفوف الرجال لما قطعت صلاتهم، فكذا النساء، والله أعلم.


(١) "تصحيح الفروع" (١/ ٤٧٢).
(٢) "قواعد ابن رجب" (٢/ ٥٥٥).
(٣) "المحلى" (٤/ ١٥).
(٤) سيأتي في باب (صلاة الجماعة والإمامة) إن شاء الله تعالى.
(٥) "المصنف" (٢/ ٢٨) وسنده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>