للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما دليل أصحاب القول الثالث فأجيب عنه بما يلي:

أما حديث عائشة رضي الله عنها فعنه جوابان:

الأول: أن إنكارها إنما هو بحسب علمها وفهمها، وقد حفظ غيرها ما لم تحفظه، وهو أن المرأة تقطع الصلاة، والإنسان وإن كان عظيماً فإنه قد يخفى عليه ما حفظه غيره، شأنها في ذلك شأن غيرها من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين في قضايا معروفة.

الثاني: أن حديث أبي ذر مسوق مساق التشريع العام للأمة، وحديث عائشة هذا واقعة حال يتطرق إليها احتمالات عديدة، منها: أنها زوجته، والمرأة في حديث أبي ذر مطلقة، فيفيد القطع بالأجنبية لخشية الافتتان بها، بخلاف الزوجة.

ومنها: أن عائشة لم تَمُرَّ، وإنما كانت نائمة، وفرق بين المرور واللبث، وقد بوّب عليه البخاري بعدة أبواب منها: «باب الصلاة خلف النائم» (١).

وأما حديث ابن عباس فأجيب عنه بأن الأتان لم يمرَّ بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولكن مرّ بين يدي بعض الصف، وابن عباس راكب عليه، وهذا لا يؤثر، وقد بوّب عليه البخاري بقوله: «باب سترة الإمام سترة لمن خلفه» (٢)، قال ابن القيم عن أحاديث القطع: (ومعارض هذه الأحاديث قسمان: صحيح غير صريح، وصريح غير صحيح، فلا يترك العمل بها لمعارض هذا شأنه) (٣).

الوجه الثالث: قيدت المرأة في حديث ابن عباس بالحائض، والمراد بها: البالغة، فأما غير البالغة أو الطفلة الصغيرة فلا تقطع الصلاة (٤)؛ لأن الصغيرة لا يصدق عليها أنها امرأة.


(١) انظر: "فتح الباري" (١/ ٥٨٧).
(٢) انظر: "فتح الباري" (١/ ٥٧١).
(٣) "زاد المعاد" (١/ ٣٠٦).
(٤) "تصحيح الفروع" (١/ ٤٧٤)، "الإنصاف" (٢/ ١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>