للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحجة هذا القول أن الكلب لم يجئ في الترخيص فيه شيء يعارض الأحاديث المذكورة، وهي حديث أبي ذر وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم، وأما المرأة فقد ورد عن مسروق عن عائشة أنه ذكر عندها ما يقطع الصلاة - الكلب والحمار والمرأة - فقالت: شبهتمونا بالحمر والكلاب، والله لقد رأيت النبي صلّى الله عليه وسلّم يصلي وإني على السرير بينه وبين القبلة مضطجعة، فتبدو لي الحاجة، فأكره أن أجلس، فأوذي النبي صلّى الله عليه وسلّم، فأنسلُّ من عند رجليه (١).

وأما في الحمار فقد ورد حديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي مرَّ ذكره أول الباب وفيه: (فمررت بين يدي بعض الصف .. ).

والراجح - والله أعلم - القول الأول، وهو أن هذه الثلاثة المذكورة تقطع الصلاة وتفسدها، لما يلي:

١ - أن أحاديث القطع أقوى من دليل عدم القطع، فإن دليل عدم القطع ضعيف، والضعيف ليس بحجة في الأحكام الشرعية.

٢ - أنه ورد حديث أبي ذر رضي الله عنه بلفظ: (تعاد الصلاة من ممر الحمار والمرأة والكلب الأسود) (٢)، فهذا نص صحيح صريح لا مطمع لأحد في ردّه.

٣ - أن الصحابة رضي الله عنهم وسلف الأمة أدرى منا بفهم نصوص الشرع ومعرفة مقاصده، فقد ورد عن بكر بن عبد الله المزني قال: كنت أصلي إلى جنب ابن عمر فدخل بيني وبينه - يريد جرواً - فمرَّ بين يديه، فقال لي ابن عمر: أما أنت فأعد الصلاة، وأما أنا فلا أعيد؛ لأنه لم يمر بين يدي، وفي رواية: أن جرواً مرَّ بين يدي ابن عمر فقطع عليه صلاته (٣).

والجرو: بكسر الجيم وضمها: ولد الكلب والسباع.


(١) أخرجه البخاري (٥١٤)، ومسلم (٥١٢) (٢٧٠).
(٢) أخرجه ابن خزيمة (٢/ ٢١)، وابن حبان (٦/ ١٥١) وإسناده صحيح على شرط مسلم.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ٢٨٢)، وابن حزم في "المحلى" (٤/ ١٥) وإسناده صحيح، قال ابن حزم: (هذا أصح إسناد يكون).

<<  <  ج: ص:  >  >>