للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد علل النهي في هذا الحديث عن البصاق أمامه بكونه مناجياً لله، وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما: ( .. بأن الله قِبَلَ وجهه إذا صلى) (١)، أي: مواجهه، ولا منافات بين ذلك لأن المراد إقبال الله تعالى على عبده في أثناء صلاته.

قوله: (فلا يبزقن). يقال: بزق يبزُق بُزاقاً من باب «قتل» وهو بمعنى بصق، وهو إبدال منه، قال الأزهري: (البصق والبزق والبسق واحد) (٢)، والبزق: لفظ ماء الفم، وما دام فيه فهو ريق (٣).

قوله: (فلا يبزقنّ بين يديه) أي أمامه، وقد جاء في رواية للبخاري: (فإن ربه بينه وبين القبلة) (٤). وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما: (فإن الله قبل وجهه إذا صلى).

ولا يبصق عن يمينه، لما ورد عند البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (ولا عن يمينه فإن عن يمينه ملكاً) (٥)، وهذا التعليل بشقيه يفيد أن المصلي لا يبصق أمامه ولا عن يمينه مطلقاً، لا في المسجد ولا في غيره، كما سيأتي، فإن قيل: إن مقتضى التعليل بكونه عن يمينه ملكاً يقتضي ألا يبصق عن يساره، لأن عن يساره ملكاً، لقوله تعالى: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} [ق: ١٧]. فالجواب:

١ - أن المصلي لا يبصق في الصلاة إلا عند الحاجة، وعليه أن يبصق في ثوبه ما استطاع.

٢ - أنه إذا بصق تحت قدمه اليسرى لم يبصق في جهة الملك.

٣ - أن الملك المقيم في جهة اليمين أشرف من المقيم في جهة الشمال، فاحتُرم بما لم يُحترم به غيره، وقيل غير ذلك، والله أعلم.

قوله: (ولكن عن شماله تحت قدمه) أي: اليسرى، كما في رواية البخاري، وكذا جاء في حديث أبي سعيد رضي الله عنه (٦).


(١) أخرجه البخاري (٤٠٦) ومسلم (٥٤٧).
(٢) "تهذيب اللغة" (٨/ ٤١٨).
(٣) "المعجم الوسيط" ص (٦٠).
(٤) برقم (٤٠٥) (٤١٧).
(٥) برقم (٤١٦).
(٦) أخرجه البخاري (٤١٤) ومسلم (٥٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>