للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كمصر والشام وغيرهما، قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: (بسبب الرافضة حدث الشرك وعبادة القبور، وهم أول من بنى عليها المساجد) (١) وذكر رحمه الله أنهم شر أهل البدع، وقد كان ذلك موجوداً في مكة في المعلاة، وفي المدينة في البقيع، فقيض الله تعالى لها من هدمها وأزالها، وكذا كانت القبور موجودة في بلاد نجد، فجاء الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب فسعى في إزالة الشرك ومعالمه، وتحقق على يديه خير كثير، ولا زال أناس يدعون إلى الشرك ويريدون أن تعود الحال إلى ما كانت عليه، وكما هو في الأمصار الأخرى، وهذا لجهلهم وضلالهم الذي أدى بهم إلى الغلو والتعلق بالقبور وأهلها.

وقد ورد عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال قبل أن يموت بخمس: « … ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك» (٢).

وهذا من حرصه صلّى الله عليه وسلّم على أمته وإبعادهم عن جميع وسائل الشرك وأسبابه، حتى نهى عن ذلك في آخر حياته، بل إنه نهى عن ذلك وهو في حال الموت وفراق الدنيا، كما في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (لما نُزل برسول الله صلّى الله عليه وسلّم طَفِقَ يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها، فقال وهو كذلك: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» يحذر ما صنعوا (٣)). فالنبي صلّى الله عليه وسلّم حذر من اتخاذ القبور مساجد ثلاث مرات: الأولى: في سائر حياته، الثانية: قبل موته بخمس، الثالثة: وهو في السياق.

الوجه الرابع: الحديث دليل على عظم ذنب من يسهلون للناس الوقوع في الشرك والبدع عن طريق البناء على القبور والعكوف عندها والصلاة والدعاء ونحو ذلك، لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم وصفهم بأنهم شرار الخلق عند الله تعالى، لأنهم جمعوا بين فتنتين: فتنة القبور والبناء عليها، وفتنة التماثيل، نسأل الله تعالى السلامة، والثبات على صحة المعتقد حتى الممات.


(١) "فتح المجيد" ص (٢٤٣).
(٢) أخرجه مسلم (٥٣٢).
(٣) أخرجه البخاري (١٣٣٠) ومسلم (٥٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>