قوله:(ثم ارفع حتى تعتدل قائماً) أي: ارفع ظهرك حتى تنتصب قائماً، وإنما ذكر الاعتدال هنا دون الطمأنينة، لأن القائم يعتدل ويستوي، وذلك مستلزم للطمأنينة، وعند ابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأحمد من حديث رفاعة رضي الله عنه:(حتى تطمئن قائماً)، وعند أحمد وابن حبان من حديث رفاعة رضي الله عنه:(فأقم صلبك حتى ترجع العظام إلى مفاصلها)، والصُّلب: بضم الصاد وسكون اللام وقد تُضم: هو فقار الظهر، وأورد الحافظ رواية ابن ماجه، لأن الطمأنينة أبلغ من الاعتدال، لأنها اعتدال وزيادة، أو يقال: إن القائم يعتدل ويستوي، وذلك مستلزم للطمأنينة، وأما رواية أحمد وابن حبان فلعله أوردها، لأنها تفسير لكمال الاعتدال.
قوله:(ثم افعل ذلك في صلاتك كلها) أي: افعل كل ما سبق عدا تكبيرة الإحرام، (في صلاتك كلها): يحتمل أن المراد ما بقي من ركعات صلاته، أو أن المراد صلواته المستقبلة.
الوجه الرابع: الحديث دليل على وجوب الوضوء للصلاة، وأن المكلف مأمور بإسباغه، وهو إكماله وإتمامه، وتقدم ذلك في «الوضوء».
الوجه الخامس: الحديث دليل على وجوب استقبال القبلة في الصلاة، وتقدم ذلك.
الوجه السادس: الحديث دليل على وجوب تكبيرة الإحرام، بلفظ:(الله أكبر)، لقوله:(فكبر)، وعند الطبراني (ثم يقول: الله أكبر) وهي ركن لا تنعقد الصلاة إلا بها، ولو قال: الله أجلّ، أو أعظم، لم يصح، خلافاً لمن قال: تنعقد الصلاة بكل ما يدل على التعظيم، والحديث يرد ذلك، مع ما سيأتي من أحاديث في صفة صلاة النبي صلّى الله عليه وسلّم، كحديث عائشة رضي الله عنها:(كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يستفتح الصلاة بالتكبير … )، وظاهر الحديث أن دعاء الاستفتاح لا يجب، إذ لو وجب لأمره به، وقيل: إن رواية أبي داود تفيد ذلك، (ثم يكبر الله ويحمده ويثني عليه، ويقرأ بما شاء من القرآن .. )، وقيل: إن المراد بذلك: الفاتحة، ومع الاحتمال لا يثبت شيء من ذلك.