للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه السابع: الحديث دليل على وجوب قراءة ما تيسر من القرآن، والقراءة ركن في الصلاة، وتتعين الفاتحة لمن يحسنها، لأن قوله في رواية أبي داود: (ثم اقرأ بأم القرآن وبما شاء الله)، وفي رواية ابن حبان: (ثم بما شئت) بيان لما أُجمل في رواية الصحيحين: (ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن)، فيكون هذا مراداً به الفاتحة، لأنها كانت المتيسرة، لحفظ المسلمين لها، أو ما زاد على الفاتحة، جمعاً بينه وبين الروايات الأخرى من جهة، وبينه وبين أدلة إيجاب الفاتحة من جهة أخرى، ويؤيد ذلك حديث أبي سعيد رضي الله عنه: (أُمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر) (١). فإذا جمع بين ألفاظ الحديث كان تعين الفاتحة هو الأصل لمن معه قرآن، فإن عجز عن تعلمها وكان معه شيء من القرآن قرأ ما تيسر، وإلا انتقل إلى الذكر، فالمراحل ثلاث بالتدريج، وبهذا يتضح وجه إيراد الحافظ للروايات في حديث رفاعة رضي الله عنه وقد دلّ على أن من لا يحسن شيئاً من القرآن فإنه يجزئه الحمد والتكبير والتهليل، دون أن يتعين عليه لفظ معين أو قدر معين، وسيأتي ذلك إن شاء الله في حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه رقم (٢٨٥).

الوجه الثامن: وجوب الركوع والقيام منه والسجود مرتين والجلوس بينهما، وهي أركان لا تصح الصلاة إلا بها؛ لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم علمها المسيء بلفظ الأمر الدال على الوجوب، وقال له: (ثم افعل ذلك في صلاتك كلها).

الوجه التاسع: وجوب الطمأنينة في هذه الأركان كلها، وهي ركن لا تصح الصلاة بدونها على قول الجمهور من الشافعية والحنابلة والمالكية والظاهرية، لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم ذكرها هنا في الركوع والرفع والسجود والرفع منه. ولما أخلّ بها قال له: «ارجع فصلّ فإنك لم تصل»، فأمره بالإعادة وأخبره بأنه لم يصلِّ، مع أنه كان جاهلاً، فدل ذلك على أن من ترك الطمأنينة فإنه لم يصلِّ (٢)، ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية إجماع الصحابة على وجوب


(١) أخرجه أبو داود (٨١٨) بسند قوي، كما في "فتح الباري" (٢/ ٢٤٣).
(٢) انظر: "الإفصاح" (١/ ١٣٠)،"المحلى" (٣/ ٢٥٤)، "الفتاوى" (٢٢/ ٥٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>