للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السكون والطمأنينة في الصلاة (١).

والقول الثاني: أنها واجبة وليست بفرض، فتصح الصلاة بدونها مع الإثم، وقد نقل هذا عن أبي حنيفة ومحمد، واستدلوا بقوله تعالى: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: ٧٧] ولم يذكر الطمأنينة، لأن الركوع هو الانحناء، والسجود هو الانخفاض، فتتعلق الركنية بالأدنى فيهما (٢).

والصحيح الأول؛ لقوة دليله، فإنه نص صحيح صريح في هذا الباب، يؤيد ذلك حديث أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته»، قالوا: (يا رسول الله، وكيف يسرق من صلاته؟)، قال: «لا يتم ركوعها وسجودها»، أو قال: «لا يقيم صلبه في الركوع والسجود» (٣).

وأما الآية فهي مطلقة بينت السنة المراد بها، فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم فسَّر الركوع والسجود بفعله وقوله، على أن شيخ الإسلام ابن تيمية قال: (إن الركوع والسجود في لغة العرب لا يكون إلا إذا سكن حين انحنائه، وحين وضع جبهته على الأرض، فأما مجرد الخفض والرفع عنه فلا يسمى ذلك ركوعاً ولا سجوداً، ومن سماه ركوعاً وسجوداً فقد غلط على اللغة … ) (٤).

وقد اختلف العلماء في حد الاطمئنان المطلوب على قولين:

الأول: أن المطلوب هو السكون وإن قلّ، وكأن هؤلاء نظروا إلى المعنى اللغوي.

الثاني: أن المطلوب الاطمئنان بقدر الذكر الواجب بلا عجلة، ففي الركوع يطمئن بقدر ما يقول: سبحان ربي العظيم، وفي الاعتدال بقدر ما يقول: ربنا ولك الحمد، وهكذا، وهذا هو الأقوى، والفرق بين القولين: أنه إذا نسي التسبيح في ركوعه أو سجوده، أو التحميد في اعتداله، أو سؤال المغفرة في جلوسه وقلنا: إن الطمأنينة هي السكون فصلاته صحيحة، ويسجد


(١) "الفتاوى" (٢٢/ ٥٦٩).
(٢) "الهداية" (١/ ٤٩).
(٣) أخرجه أحمد (٣٧/ ٣١٩) وإسناده صحيح.
(٤) "الفتاوى" (٢٢/ ٥٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>