لترك الواجب مما ذكر، وعلى القول الثاني تكون صلاته غير صحيحة، لأنه لم يستقر بقدر الذكر الواجب حيث لم يأت به (١).
الوجه العاشر: الحديث دليل على وجوب الترتيب بين هذه الأركان على الصفة المذكورة في الحديث، لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم ذكر هذه الأفعال مرتبة بـ (ثم) وهي نص في الترتيب، وهو ركن لا تصح الصلاة إلا به، وقد واظب النبي صلّى الله عليه وسلّم على هذا الترتيب في جميع صلاته، وقال:«صلوا كما رأيتموني أصلي».
الوجه الحادي عشر: تبين مما تقدم أن هذا الحديث دليل على وجوب ما ذكر فيه، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر هذا الرجل بأداء الصلاة على هذا الوصف الذي علمه إياه، وهذا دليل على وجوب ما ذكر فيه.
أما ما لم يذكر فيه فلا ريب أن الحديث لم يشتمل على واجبات أخرى في الصلاة، كأذكار الركوع والسجود وركني الاعتدال، والتشهد، والصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم والتسليم وغير ذلك، والحديث تطرقه احتمالات، منها: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يُعَلِّم الرجل كل الواجبات، بل يحتمل أنه اقتصر في تعليمه على ما رآه أساء فيه، أو أن الواجبات الأخرى وجبت بعد ذلك، أو أنه علمه معظم الأركان وأهمها وأحال بقية تعليمه على مشاهدة النبي صلّى الله عليه وسلّم في صلاته أو نحو ذلك، ومع هذه الاحتمالات فالحديث من قبيل المشتبه المجمل المعارض لأدلة صحيحة صريحة في واجبات أخرى.
وعلى هذا فما جاء بصيغة الأمر في غير هذا الحديث فالقول بوجوبه ظاهر، ما لم يأت دليل صارف له عن الوجوب، لأن الأخذ بالزائد واجب، ولأن الحديث الذي جاء بصيغة الأمر إثبات لزيادة، فيعمل بها، وحديث المسيء لا يدل على عدم وجوب ما لم يذكر فيه.
لكن لا بد للباحث المستدل أن يتتبع روايات الحديث ويجمع طرقه، لئلا ينفي شيئاً، وهو قد ورد فيه كما وقع لبعض الشراح، والله تعالى أعلم.