للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لقراءة الإمام أفضل من القراءة، ومن هؤلاء ابن المنذر (١) وابن تيمية، ونسبه لأكثر السلف (٢).

قال ابن المنذر: (إن معنى حديث عبادة: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) إلا صلاة أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم المأموم إذا جهر الإمام بقراءته أن يستمع لقراءته، فيكون فاعل ذلك مستعملاً للحديثين جميعاً).

ويستثنى من ذلك ما لو دخل والإمام راكع أو عند الركوع فإنه يركع مع إمامه وتسقط الفاتحة عنه، ودليل ذلك حديث أبي بكرة رضي الله عنه أنه انتهى إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو راكع فركع معه قبل أن يصل إلى الصف، فذكر ذلك للنبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: «زادك الله حرصاً ولا تعد» (٣)، فلم يأمره النبي صلّى الله عليه وسلّم بقضاء تلك الركعة التي لم يقرأ فيها الفاتحة، فدل على أنه معذور إذا لم يدرك القيام مع الإمام الذي هو محل قراءة الفاتحة، فسقطت عنه.

القول الثاني: وجوب القراءة على المأموم في السرية دون الجهرية، وهذا قول مالك (٤) وقول قديم للشافعي (٥)، وهو قول لأحمد في رواية عنه (٦) ورجحه بعض الحنفية، وبه قال سعيد بن المسيب، وسالم بن عبد الله، وابن شهاب، وابن المبارك، وإسحاق (٧)، وعلى قول هؤلاء لا يقرأ إذا جهر إمامه، بل يستمع لقراءته.

واستدلوا بقول تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: ٢٠٤] قالوا: (فأمر الله تعالى بالاستماع والإنصات عند قراءة القرآن، فدل على أن المأموم لا يقرأ إذا جهر إمامه).

كما استدلوا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه وفيه: (إنما جعل الإمام ليؤتم به


(١) "الأوسط" (٣/ ١١١).
(٢) "الفتاوى" (٢٣/ ٢٦٥) و"الاختيارات" (٥٣).
(٣) أخرجه البخاري (٧٥٠) وسيأتي شرحه -إن شاء الله- برقم (٤١٨).
(٤) "الموطأ" (١/ ٨٦).
(٥) "المجموع" (٣/ ٣٦٤).
(٦) "تفسير ابن كثير" (١/ ٢٧)، "الإنصاف" (٢/ ٢٢٨).
(٧) "التمهيد" (١١/ ٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>