للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويؤيد ذلك حديث عائشة رضي الله عنها المتقدم: (كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين).

أما ما يوجد في المصاحف الآن من أنها أول آية في الفاتحة وأعطيت رقماً، فهذا مبني على أحد القولين في المسألة، كما تقدم، وعلى هذا تكون الآية السابعة: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}.

وأما في بقية السور فلم تُعد من آيات السورة، ولذا تركت بلا ترقيم، وثمرة الخلاف في هذه المسألة: أن من قال: إن البسملة آية من الفاتحة قال: يقرأُها ويجهر بها كسائر آيات الفاتحة، وبعضهم قال: يخفيها، ومن قال إنها ليست آية من الفاتحة قال: لا تلزم قراءتها.

وقد ذكر ابن عبد البر أن مذهب مالك وأصحابه أنها ليست آية مطلقاً، لا من الفاتحة ولا من غيرها، وإنما هي استفتاح لِيُعْلَمَ بها مبتدؤها، إلا في سورة النمل، ولهذا لا تقرأ عندهم في أول الفاتحة لا سراً ولا جهراً، ودليلهم حديث عائشة المتقدم، وحديث أنس هذا (١).

والصواب أنها آية من القرآن، بدليل أن الصحابة رضي الله عنهم كتبوها وتواتر عنهم ذلك بدون نكير، مع العلم بأنهم كانوا لا يكتبون في المصحف ما ليس من القرآن، وكونهم فصلوها عن السورة التي بعدها دليل على أنها ليست منها، والله تعالى أعلم.


(١) انظر: "الإنصاف فيما بين العلماء في بسم الله الرحمن الرحيم من الاختلاف" لابن عبد البر، "مجموعة الرسائل المنيرية" (٢/ ١٥٦)، "تفسير ابن كثير" (١/ ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>