للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال: {الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ}، قال الله تعالى: أثنى عليَّ عبدي، وإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، قال: مجدني عبدي، فإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ *صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل» (١).

ووجه الدلالة: أن الحديث دليل على قسمة الصلاة، والمراد بها هنا الفاتحة بين العبد وربه، والمراد قسمتها من جهة المعنى، والفاتحة سبع آيات بالإجماع، كما ذكر ذلك ابن كثير وغيره (٢)، فثلاث في أولها ثناء: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ *مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: ٢ - ٤] وثلاث (٣) في آخرها دعاء: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ *صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٦ - ٧]، والسابعة متوسطة {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: ٥] فلم يذكر: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ} في أولها مما يدل على أن البسملة ليست من القراءة الواجبة ولا من القراءة المقسومة.

قوله: (هذا بيني وبين عبدي) يعني من العبد العبادة، ومن الله العون، ذكره ابن العربي (٤).

وهذا القول هو الراجح إن شاء الله، لقوة دليله، قال النووي: (إن هذا الحديث أوضح ما يُحتج به على أن البسملة ليست من الفاتحة) (٥).


(١) أخرجه مسلم (٣٩٥).
(٢) "تفسير ابن كثير" (١/ ٢١)، "فتح الباري" (٨/ ١٥٩).
(٣) هذا على اعتبار أن {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} آية، {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} آية، و {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} آية.
(٤) "أحكام القرآن" (١/ ٥).
(٥) "شرح صحيح مسلم" (٣/ ٣٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>