للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الركعتين الأوليين … ) (١) وهذا قول أصحاب الرأي ومالك وأحد قولي الشافعي، واعتبره النووي قولاً قديماً (٢)، وهو الصحيح من المذهب عند الحنابلة (٣).

والقول الثاني: أنه يقرأ بسورة مع الفاتحة في الأخريين، وهو القول الآخر للشافعي، وهو المنصوص عليه في «الأم» (٤)، ورواية عن أحمد، وعبر عنها صاحب «الإنصاف» بالسنية، ودليل هؤلاء حديث أبي سعيد هذا.

والظاهر أن يقال في الجمع بينهما مثل ما تقدم، بأنه صلّى الله عليه وسلّم كان يفعل هذا تارة، ويقتصر فيها على الفاتحة تارة، لكن ينبغي التنبه إلى أن المأموم إذا فرغ من الفاتحة قبل ركوع إمامه في الأخريين فإنه يقرأ سورة، لأن الصلاة لا سكوت فيها في مثل هذه الحال.

الوجه السادس: في حديث سليمان بن يسار إيضاح وتفصيل لهدي النبي صلّى الله عليه وسلّم في القراءة في الصلوات الخمس، وأنه في الظهر يطيل، كما تقدم في حديث أبي قتادة، وفي العصر يخفف، كما في حديث أبي سعيد، وكان في العشاء يقرأ في الأوليين من أوساط المفصل، أما المغرب فكان يقصر فيها، فيقرأ مع الفاتحة بقصار المفصل، وهذا في بعض الأحيان، وليس يديم ذلك كما يوهمه ظاهر هذا الحديث، فإنه لم تكن سنته المداومة على القصار، بل كان يقرأ تارة بقصاره، وتارة بأوساطه، وقرأ بطواله، فقرأ بالطور، والمرسلات، وقرأ بـ {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [محمد: ١]، وقرأ بالأعراف في الركعتين، كما تقدم.

وفي الفجر كان يقرأ من طوال المفصل، والإطالة فيها - والله أعلم - ليدركها المتأخر بنوم أو غفلة، ولأنها ركعتان، ولأن الناس بعد نوم وراحة فعندهم نشاط لسماع كلام الله تعالى والاستفادة منه - والله المستعان ـ، ولأن


(١) "المغني" (٢/ ٢٨١).
(٢) "المجموع" (٣/ ٣٨٦).
(٣) "الإنصاف" (٢/ ٨٨).
(٤) "الأم" (١/ ١٣١) وانظر: "أصل صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -" (٢/ ٤٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>