للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إرادة أخرى وإخضاع الثانية للأولى وهلم جرا، ولكن شروحي وإيضاحاتي - التي كان بها ولا شك شيء من الخلط والتشويش - لم تحدث أدنى تأثير في نفس الفتاة، وجعلت تصغي ويداها المقبوضتان ملقاتان على ركبتيها وفيهما المروحة لا تحركها ولا تعبث بها كعادتها، وشعرت كأن كلماتي كانت تقع عليها فترتد عنها إلي كما لو كانت تمثالاً من الرخام، لقد كانت تسمع هذه الكلمات ولكنها كانت تعتقد اعتقادات أخرى ليس في قوة اللغة والإقناع إبطالها وإزالتها.

قلت لها: ما أراك ممن يعتقد بالمعجزا!.

قالت: بلى أعتقد بها ارسخ اعتقاد وكيف يستطيع الإنسان غير ذلك، ألم ينبئنا الإنجيل أنه من آمن بالله مثقال ذرة استطاع أن يزحزح الجبال عن مواضعها؟ وما على المرء إلا أن يؤمن حتى يستطيع أن يأتي المعجزات!.

قلت لها: الظاهر أن الإيمان في هذا الزمان قليل وعلى كل حال فنحن لا نزال نسمع بحدوث المعجزات.

قالت: ومع ذلك فإن المعجزات تحدث، أفلم تر بعينك، كلا! لم يفن الإيمان بعد من العالم، ورأس الإيمان. . .

فقاطعتها قائلاً: رأي الحكمة مخافة الله.

فاستمرت صوفيا فقالت: رأس الإيمان إذلال النفس وقهرها وامتهانها.

قلت: أو يبلغ الأمر الإذلال والامتهان؟

قال: أجل إن كبرياء الإنسان وغطرسته وغروره وزهوه - هذه هي أحق الأشياء بالإبادة والاستئصال، إنك قد ذكرت الإرادة في كلمتك السالفة - هذه الإرادة هي ما يجب أن يسحق ويمحق.

فتأملت شخص الفتاة الصغيرة التي جعلت تنطق بهذه الكلمات. . فقلت في نفسي: وايم الحق إن هذه الطفلة لتصدر القول عن أعماق نفس جادة صادقة لا تقول إلا ما تعتقد.

ثم نظرت إلى من حولي من الراقصين فخيل إلي أنهم يجدون مسلاة وملهاة فيما يبدو على إذ ذاك من علامات الدهشة والاستغراب بل لقد لمحت أحدهم يبتسم إلي ابتسام من يشاطرني عواطفي ويشاركني مشاعري كأن لسان حاله يقول لي: ليت شعري ما رأيك في