للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فتاتنا الغريبة الأطوار والأحوال ليس في هذا المكان إلا من يعرف نزعاتها وأميالها وأفكارها وآراءها.

والتفت إلى صوفيا فقلت: وهل حاولت سحق إرادتك ومحقها؟.

فقالت بلهجة العنيد المستبد برأيه: كل امرئ ملزم أن يفعل ما يظنه الصواب.

قلت بعد فترة قصيرة من السكوت: اسمحي لي أن أسألك هل تعتقدين بإمكان استحضار الموتى؟.

فهزت صوفيا رأسها وقالت:

ليس هناك أموات.

قلت: ماذا تقولين؟

قالت: ليس هنالك أرواح ميتة. الأرواح لا تموت البتة وهي تستطيع أن تظهر متى شاءت. . وهي أبداً ترفرف علينا وتحوم حولنا.

قلت: عجباً!! أتظنين مثلاً في هذه اللحظة أن يجوز أن تكون إحدى الأرواح الخالدة حائمة حول رأس ذلك الضابط الطويل ذي الأنف الأحمر؟.

قالت: ولم لا؟ إن ضوء الشمس ليسقط عليه وعلى أنفه الأحمر أفليس ضوء الشمس وكل ضوء غيره من الله؟ وماذا تهم المظاهر؟ إن الرجل النقي يرى كل شيء نقياً، وكل ما يحتاج إليه المرء هو الاهتداء إلى معلم - إلى قائد مرشد.

قلت لها: ولا أنكر أن قولي كان يشوبه شيء من الهمز واللمز (معذرة معذرة. . تقولين أنك في حاجة إلى القائد والمرشد. . فما فائدة قسيسك إذن؟.

فنظرت إلي نظرة فتور وجمود ثم قالت: أتريد أن تسخر مني وتضحك؟ إن قسيسي ينبئني بما ينبغي علي أن أفعل، ولكن الذي أحتاجه هو قائد يريني بأفعاله كيف يضحي الإنسان بنفسه!.

وهنا رفعت الفتاة عينيها إلى السقف، فأذكرني وجهها الصبياني وما عليه من دلائل عزوب الذهن واستغراق الفكر وسيما الدهشة والحيرة الخفية المستمرة صورة عذراء روفائيل.

قم استرسلت في حديثها فقالت ولم تلتفت نحوي ولم تكد تحرك شفتيها: لقد قرأت في بعض الكتب حديثاً عن رجل كبير القدر عالي المنزلة أنه أوصى أن يدفن بعد مماته تحت عتبة