للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والقول بوجوبه هو قول أبي حنيفة في المشهور عنه وبعض أصحابه، وبه قال بعض السلف (١)، ووجه الدلالة أن قوله: (الوتر حق) بمعنى ثابت فيفيد الوجوب.

ومن الأدلة - أيضاً - حديث بريدة رضي الله عنه قال: (قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الوتر حق، فمن لم يوتر فليس منا») قال ذلك ثلاثاً، وحديث أبي هريرة بنحوه، ووجه الدلالة منهما: أن هذا السياق وعيد شديد، ولا يكون مثله إلا لترك فرض أو واجب، لا سيما وقد تأكد بالتكرار، ومنها: حديث علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أوتروا يا أهل القرآن .. »، وكلها ستأتي إن شاء الله تعالى.

وذهب الجمهور من أهل العلم، ومنهم الشافعية والمالكية والحنابلة، وأكثر الحنفية إلى أن الوتر ليس بواجب، وإنما هو سنة مؤكدة (٢)، واستدلوا بحديث علي المذكور، فإنه نص في محل النزاع، وهو صالح للاستدلال به، كما تقدم.

كما استدلوا بحديث جابر - أيضاً - مع ما فيه من ضعف، كما استدلوا بحديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: جاء رجل من أهل نجد فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خمس في اليوم والليلة»، فقال: هل عليَّ غيرها؟ قال: «لا إلا أن تطوع»، وسأله عن الزكاة والصيام، وقال في آخره: والله لا أزيد ولا أنقص، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أفلح إن صدق» (٣). فهذا نص صريح في عدم وجوب الوتر، وأنه لا يجب إلا ما دل عليه منطوق الحديث، وهي الخمس، وما زاد عليها فهو تطوع.


(١) "بدائع الصنائع" (١/ ٢٧٠)، "المغني" (٢/ ٥٩١)، "شرح الزرقاني على الموطأ" (١/ ٢٣٠).
(٢) "المغني" (٢/ ٥٩١)، "المجموع" (٣/ ٤٦٥)، "تبيين الحقائق" (١/ ١٦٨)، "شرح الزرقاني على الموطأ" (١/ ٢٢٧).
(٣) أخرجه البخاري (٤٦)، ومسلم (١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>