للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا القول هو المختار في هذه المسألة لما يلي:

الأول: أن فيه جمعاً بين الأدلة، فيحمل حديث: «لا صلاة لمنفرد خلف الصف» على ما إذا قَصَّرَ في سد الفرجة والانضمام إلى الصف، وأما إذا لم يجد فرجة فتصح صلاته؛ لأنه ليس بمقصر.

الثاني: أن العلماء مجمعون على أن واجبات الصلاة وأركانها تسقط عند عدم القدرة، فلا واجب مع العجز، ولا محرم مع الضرورة، ولا ريب أن العجز عن المصافة عذر.

الثالث: أن عمومات الشريعة تؤيد ذلك؛ كقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]، وقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦]، وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» (١).

واعلم أن ضابط الانفراد هو ما إذا رفع الإمام رأسه من الركوع ولم يدخل معه أحد، فإن دخل معه أحد قبل أن يرفع الإمام رأسه أو حصل له مكان في الصف فدخل فيه قبل ذلك زالت فذيِّته، وصحت صلاته.

والأظهر أن النهي في حديث أبي بكرة في قوله: «ولا تعد» راجع إلى الإسراع والسعي الشديد، وكذا الركوع دون الصف، ويؤيد الأول الحديث الآتي في النهي عن الإسراع في المجيء إلى الصلاة، ويؤيد الثاني قوله: «أيكم الذي ركع دون الصف»، فإن ظاهر ذلك أن النهي متوجه إلى هذه الجملة، وهذا قول جماعة من أهل العلم منهم الطحاوي (٢)، ويؤيده حديث أبي هريرة: «إذا دخلت والإمام راكع فلا تركع حتى تأخذ مصافك من الصف» (٣)، وأجاز آخرون الركوع دون الصف إذا أدرك الإمام راكعاً، وهو


(١) أخرجه البخاري (٧٢٨٨)، ومسلم (١٣٣٧).
(٢) "شرح معاني الآثار" (١/ ٣٩٥).
(٣) أخرجه الطحاوي، وروي مرفوعًا، ووقفه أصح، ذكر ذلك ابن رجب (٧/ ١١٩)، وذكر أن أحمد احتج به.

<<  <  ج: ص:  >  >>