للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المغرب، ثم زيدت عقب الهجرة إلا الصبح - كما تقدم - ولما استقر فرض الرباعية خفف منها في السفر عند نزول آية القصر، ويكون معنى قول عائشة رضي الله عنها: (فأقرَّت صلاة السفر) أي: باعتبار ما آل إليه الأمر من التخفيف، لا أنها استمرت منذ فرضت (١).

قوله: (وأتمت صلاة الحضر) وفي رواية لهما: «وزيد في صلاة الحضر» وهي أوضح في الدلالة على المراد، والمراد بذلك الزيادة في عدد ركعات الظهر والعصر والعشاء، كما يدل عليه حديث عائشة - كما تقدم ـ.

الوجه الثالث: الحديث دليل على أن صلاة السفر والحضر قبل الهجرة كانت ركعتين ركعتين، ثم زيد في صلاة الحضر، فصارت الظهر والعصر والعشاء أربعاً؛ لأن الحضر موضع الراحة والاستقرار، ومن فضل الله على عباده أن زادهم ركعتين، لما فيهما من الأجر العظيم والخير الكثير.

أما المغرب فهي ثلاث منذ فرضت لتكون وتر النهار، والفجر ركعتان، وقد ثبتت على ما فرضت عليه، لطول القراءة فيها.

الوجه الرابع: استدل بحديث عائشة رضي الله عنها من قال بوجوب القصر في السفر، ووجه الاستدلال: أن قولها: (فرضت) بمعنى: وجبت، فإذا كانت صلاة السفر مفروضة ركعتين لم تجز الزيادة عليها؛ لأن الله تعالى زاد صلاة الحضر دون صلاة السفر. وهذا قول أبي حنيفة، ورواية عن أحمد، وهو قول ابن حزم (٢)، وآخرين، واختاره الصنعاني (٣) والشوكاني (٤).

كما استدلوا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (فرض الله الصلاة على لسان نبيكم صلّى الله عليه وسلّم في الحضر أربعاً، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة) (٥).

كما استدلوا بحديث يعلى بن أمية، قال: قلت لعمر بن الخطاب:


(١) "فتح الباري" (١/ ٤٦٤).
(٢) "المحلى" (٤/ ٢٦٤)، "الهداية" (١/ ٨٠)، "الإنصاف" (٢/ ٣٢١).
(٣) "سبل السلام" (٢/ ٤٧).
(٤) "نيل الأوطار" (٣/ ٢٤٨).
(٥) أخرجه مسلم (٦٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>