للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الثالث: مفهوم الحديث أن من أدرك من الجمعة أقل من ركعة لم يكن مدركًا للصلاة، كأن يدرك الإمام بعد الرفع من الركوع أو في السجود من الثانية أو في التشهد فهذا يصليها ظهرًا أربع ركعات، وينويها ظهرًا بعد سلام الإمام، وهذا قول مالك والشافعي وأحمد (١).

وقال أبو حنيفة وجماعة منهم: الحكم، وحماد، وابن حزم (٢): إذا أدرك الإمام في التشهد صلى ركعتين، واستدلوا بحديث: "فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فاقضوا أو فأتموا" (٣).

قالوا: ومن أدرك الإمام ساجدًا أو جالسًا أو في التشهد يسمى مدركًا، فيقضي ما فاته أو يتمه وهو ركعتان، فكيف يؤمر بأربع؟

وأجابوا عن حديث: "من أدرك ركعة" بأن الاستدلال به وبأمثاله هو من باب المفهوم، وهو ليس بحجة عند الأكثرين، ذكر هذا ابن التركماني (٤).

والصواب قول الجمهور؛ لأن العمل بالمفهوم طريق من طرق الاستدلال عند الكثيرين، ويؤيد هذا أنه قول جماعة من الصحابة رضي الله عنهم؛ كابن عمر وابن مسعود وغيرهما، ولا مخالف لهم في عصرهم، وقد أخرج عبد الرزاق عن معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: " إذا أدرك الرجل يوم الجمعة ركعة صلى إليها أخرى، وإن وجدهم جلوسًا صلى أربعًا" (٥).

وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وابن المنذر من طريق أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود قال: "من أدرك الركعة فقد أدرك


(١) "المدونة الكبرى" (١/ ٢٢٩)، "الأم" (٢/ ٤٢٥)، "المغني" (٣/ ١٨٤).
(٢) انظر: "مصنف ابن أبي شيبة" (٢/ ١٣١)، "الهداية" (١/ ٨٤)، "المحلى" (٥/ ١١١).
(٣) تقدم تخريجه رقم (٤٢٢).
(٤) "الجوهر النقي" (٣/ ٢٠٢).
(٥) "مصنف عبد الرزاق" (٣/ ٢٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>