للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والقول الثالث: أن الجمعة تجب على المملوك، إلا أن منعه سيده، فإن أذن له فذاك، وإن منعه أثم السيد وسقط الوجوب عن المملوك، وهذا قال به طائفة، وهو رواية ثالثة عن الإمام أحمد (١)، وهذا القول هو الأقرب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية (وجوبها على العبد قوي إما مطلقًا، وإما إذا أذن له سيده) (٢)؛ لأن حال الرقيق حال شخص ضعيف مملوك، لا يمكن أن يذهب إلا بإذن سيده، فإلزامه بشيء لا يستطيعه فيه حرج، قد قال تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} [الحج: ٧٨]، فهذا القول وسط بين رأي من يلزمه مطلقًا، ورأي من لا يلزمه مطلقًا، وحديث الباب محمول على ذلك.

وأما الأجير فيجب عليه حضور الجمعة؛ لأنه وقت الصلاة مستثنى زمن الأجرة، وليس للمستأجر أن يمنعه.

ويستثنى من ذلك الحارس ومن في حكمه ممن يخشى على حراسته من الضياع أو الاعتداء، فهذا يعذر بترك الجمعة والجماعة.

والثاني: المرأة فليس عليها جمعة؛ لأنها ليست من أهل حضور مجامع الرجال، قال ابن المنذر: (أجمعوا على أنه لا جمعة على النساء، وعلى أنهن إن حضرن الإمام فصلين معه أن ذلك يجزئ عنهن) (٣).

والثالث: الصبي: وهو من دون البلوغ من الذكور، فلا تجب عليه الجمعة؛ لأنه غير مكلف، لكن ينبغي إحضار الصبي إلى الجمعة، ليتعلم ويستفيد ويعتاد الصلاة ويرغب في حضورها.

والرابع: المريض: وهو من اعتلت صحته، فلا تجب عليه الجمعة لعذر المرض، وكذا ممرض المريض الذي لا يستطيع مفارقته يأخذ حكم مريضه في جواز التخلف عن صلاة الجمعة وكذا صلاة الجماعة، لكن إن تيسر للمريض الحضور وتحامل على نفسه وحضر ليستفيد فهذا خير له، لما ورد في حديث


(١) "الإنصاف" (٢/ ٣٦٩).
(٢) "الفتاوى" (٢٤/ ١٨٤).
(٣) "الإجماع" ص (٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>