للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأول: أن الحديث لا يدل على وجوب صلاة العيد؛ لأن من جملة من أمر بذلك من ليس بمكلف، فظهر أن المقصود منه إظهار شعائر الإسلام بالمبالغة في الاجتماع، ذكر ذلك الحافظ ابن حجر (١).

الثاني: سلمنا أن الأمر للوجوب لكنه مصروف إلى الاستحباب بحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " خمس صلوات كتبهن الله على العباد … " الحديث (٢)، وكذا حديث أنس رضي الله عنه في قصة الأعرابي، وهو ضمام بن ثعلبة، لما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يجب عليه من الصلاة، فأجابه صلى الله عليه وسلم: " الصلوات الخمس"، فقال: هل علي غيرها؟ قال: " لا، إلا أن تطوع" (٣)، ومثله حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه (٤).

والقول الثاني: أن صلاة العيد فرض كفاية، فإذا حضرها بعد الناس سقط الإثم عن الباقين، وهو الصحيح من مذهب الإمام أحمد، وهو من المفردات.

واستدلوا بقوله تعالى: {فصل لربك وانحر} [الكوثر: ٢]، فقد ذهب بعض المفسرين إلى أن المراد بالصلاة: صلاة العيد، والأمر للوجوب؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم داوم على فعلها، وهي من أعلام الدين الظاهرة؛ كالجمعة، وأما كونها غير واجبة على الأعيان فدليله ما تقدم من حديث عبادة وأنس رضي الله عنه.

والقول الثالث: أن صلاة العيد سنة، وهذا ظاهر قول المالكية والشافعية ورواية عن أحمد، واستدلوا بحديث عبادة وحديث أنس رضي الله عنه، وهما يدلان على أنه لا واجب إلا الصلوات الخمس.

والذي يظهر والله أعلم أن صلاة العيد سنة مؤكدة في حق الرجال ينبغي حضورها إلا لعذر شرعي، لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليها وعدم تركها، إذ ليس مع القائلين بالوجوب دليل قوي، والله تعالى أعلم.


(١) "فتح الباري" (٢/ ٤٧٠).
(٢) أخرجه مالك (١/ ١٢٣)، وأبو داود (٤٢٥)، والنسائي (١/ ٢٣٠)، وهو حديث صحيح بطرقه.
(٣) أخرجه البخاري (٦٣)، ومسلم (١٢).
(٤) أخرجه البخاري (٤٦) ومسلم (١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>