للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فرض كفاية هو مذهب الجمهور، وهو الصواب بلا ريب.

• الوجه الثالث: الحديث دليل على صفة تغسيل الميت، وذلك بأن يبدأ بغسل أعضاء الوضوء مقدمًا اليمنى من اليدين والرجلين على اليسرى، ثم بغسل سائر جسده مقدمًا اليمين على اليسار، ويستعمل أثناء الغسل السدر أو ما يقوم مقامه في التنظف كالصابون، قال ابن قدامة: (فإن لم يجد السدر غسله بما يقوم مقامه ويقرب منه، كالخطمي (١) ونحوه؛ لأن المقصود يحصل منه، وإن غسله بذلك مع وجود السدر جاز؛ لأن الشرع ورد بهذا لمعنى معقول، وهو التنظيف، فيتعدى إلى كل ما وجد فيه المعنى) (٢).

ويكرر التغسيل حسبما تقتضيه المصلحة، ويرجع ذلك إلى نظر الغاسل، لقوله: " إن رأيتن ذلك"، والموتى يختلفون، فقد يكون في الجسد أوساخ لطول المرض أو أثر لصوقات أو نحو ذلك فيحتاج إلى مزيد من العناية، وقد يكون جسده طيبًا نظيفًا فلا يحتاج إلى زيادة بينة.

ويقطعه على وتر ثلاث أو خمس أو سبع أو أكثر، ولا ينبغي الاقتصار على غسلة واحدة لقوله: "اغسلنها ثلاثًا"، ولأنه لا يحصل بها كمال الإنقاء.

وقد ذهب فريق من أهل العلم وهم الكوفيون وأهل الظاهر والمزني إلى وجوب الثلاث أخذًا بظاهر اللفظ وذهب الجمهور إلى أن الثلاث مستحبة، وأن الواجب مرة واحدة (٣).

ويجعل في الغسلة الأخيرة كافورًا يدق ويخلط بالماء لتطييب رائحة بدن الميت وتصليبه وطرد الهوام عنه في قبره، ولذا جعل في الأخيرة لأجل أن يبقى، وإنما اختير من بين سائر الأطياب لأنه بارد ولخصائصه المذكورة.


(١) الخطمي -بكسر الخاء وفتحها، والكسر أكثر-: نبات من الفصيلة الخبازية، كثير النفع، يدق ورقه يابسًا ويجعل غِسْلًا للرأس فَيُنَقِّيه. "المصباح المنير" ص (١٧٤)، "المعجم الوسيط" ص (٢٤٥).
(٢) "المغني" (٣/ ٣٧٧).
(٣) "المحلى" (٥/ ١٢١)، "المغني" (٣/ ٣٧٨)، "المجموع" (٥/ ١٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>