للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما التفصيل بين من صلي عليه ومن لم يصل عليه فإن الأحاديث ترده؛ لأنها وردت في حق من صلي عليه قبل أن يدفن (١). وأما حديث: " لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها"، فلا يعارض هذه الأحاديث، فإنه لا يراد به صلاة الجنازة، بدليل فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما يراد به الصلاة ذات الركوع والسجود؛ فإنها لا تجوز في القبور؛ لأنها ذريعة إلى الشرك، وتقدم ذلك في " الصلاة".

وقد اختلف العلماء في تحديد المدة التي تجوز فيها الصلاة على الميت بعد دفنه على أقوال منها:

القول الأول: أنها تجوز إلى شهر من دفنه، وهذا مذهب الحنابلة وبعض الشافعية (٢)، واستدلوا بمرسل سعيد بن المسيب المذكور.

القول الثاني: عدم التحديد بشهر وأنه يصلى عليه أبدًا، وهو اختيار ابن عقيل الحنبلي، وهو قول عند الشافعية (٣).

القول الثالث: أن يصلى عليه أبدًا، بشرط أن يكون المصلي من أهل الصلاة على هذا الميت يوم موته، أما من ولد بعد موته أو كان حين موته ليس من أهل الصلاة عليه كالصغير والمجنون فلا يصلي على قبره. وهذا قول عند الشافعية، اعتبره النووي هو الأصح (٤)، وفيه وجاهة.

وينبغي أن يعلم أن الأصل عدم الصلاة على القبر؛ لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي على كل قبر، ولم يكن أصحابه رضي الله عنه يفعلون ذلك، وقد دل حديث الباب على أن الإنسان لا يصلي على القبر إلا إذا كان له علاقة بالميت من صداقة أو قرابة ونحو ذلك، وهو ممن يحرص على الصلاة عليه لو كان موجودًا. وأما ما عليه بعض الناس الآن من كونه يصلي على قبر


(١) "فتح الباري" (٣/ ٢٠٥).
(٢) "المغني" (٣/ ٤٥٥)، "روضة الطالبين" (٢/ ١٣٠).
(٣) "المجموع" (٥/ ٢٤٧)، "الإنصاف" (٢/ ٥٣٢).
(٤) "المجموع" (٥/ ٢٤٧ - ٢٤٨)، "روضة الطالبين" (٢/ ١٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>