للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يوم، ومنهم من قال: ثلاثة أيام، وهو المذكور في كتب الحنابلة وغيرهم (١)، وكأنهم نظروا إلى مدة العزاء، وهي ثلاثة أيام حسب ما ذكروا.

ولا يجوز الإسراف في إعداد هذا الطعام، كما يفعله كثير من الناس اليوم، فإن الإسراف مذموم شرعًا، وليكن الطعام إلى أهل الميت بقدر حاجتهم، ويجوز لمن حضر أهل الميت أن يأكل معهم من هذا الطعام؛ لأنهم لم يصنعوه بأنفسهم وإنما صنع لهم.

أما أهل الميت فلا يجوز لهم صنع الطعام للناس؛ لأن هذا من البدع، وفيه مفاسد عظيمة:

أولًا: أنه عمل مخالف للسنة، فإن السنة أن الناس يصنعون لأهل الميت طعامًا، وما خالف السنة فهو بدعة.

ثانيًا: أن فيه إعانة على أمر نهى عنه أهل العلم، وهو اجتماع الناس عند أهل الميت، وقد قال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: (كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة) (٢).


(١) انظر: "دقائق أولي النُّهى" (٢/ ١٥٩).
(٢) أخرجه ابن ماجه (١٦١٢)، عن محمد بن يحيى، عن سعيد بن منصور، وأخرجه -أيضًا- عن شجاع بن مخلد، كلاهما عن هشيم بن بشير، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس ابن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله.
وهُشيم من الحفاظ الثقات، إلا أنه كثير التدليس والإرسال الخفي، فقد روى عن جماعة لم يسمع منهم، ولعل هذا منه، وذكر هذا -أيضًا- الدارقطني في "العلل" (١٣/ ٤٦٢) فإنه قال: ( … ورواه خالد بن القاسم المدائني -قيل: ثقة؟ قال: لا أضمن لك هذا، جرحوه- عن هشيم، عن شريك، عن إسماعيل … ).
وعليه فالحديث ضعيف؛ لأن مداره على هشيم، وقد دلَّسه، كما يدل على ذلك كلام الإمام أحمد والدارقطني، ولم يصرح بالتحديث في شيء من طرق الحديث، ورواه سريج بن يونس، والحسن بن عرفة، عن هشيم، كما ذكر الدارقطني في "العلل" وقد تابع هشيمًا نصر بن باب، عند أحمد (١١/ ٥٠٥)، ونصر بن باب ضعيف الحديث، بل رمي بالكذب.
وهذا الحديث ضعفه الإمام أحمد، كما في "مسائل أبي داود" ص (٢٩٢)، فقال: (زعموا أنه -أي هشيمًا- سمعه من شريك، وما أرى لهذا الحديث أصلًا)، وقد =

<<  <  ج: ص:  >  >>