للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ذلك لا يقال بالرأي، ثم إنه لم ينقل ما يخالف ذلك عن صحابة آخرين، كما ذكر ابن عبد البر (١)، وهذا أمر مشتهر تتوافر الهمم والدواعي على نقله، فعدم نقل الإنكار يؤكد إجماعهم.

ونقل ابن المنذر الإجماع على أن في العروض التي تدار للتجارة الزكاة إذا حال عليها الحول (٢). ونقله عنه ابن قدامة (٣)، وأقره.

وذهبت الظاهرية إلى أن عروض التجارة ليس فيها زكاة (٤)، ووافقهم على ذلك الشوكاني (٥)، وتبعهم على ذلك الألباني (٦). وحجتهم أنه لم يثبت دليل في إيجاب زكاة العروض، والأصل براءة الذمة.

والصواب القول الأول؛ لقوة أدلته، وأما القول الثاني فقد ذكر أبو عبيد أنه ليس من مذاهب أهل العلم (٧). قال الخطابي: (وزعم بعض المتأخرين من أهل الظاهرية أنه لا زكاة فيها، وهو مسبوق بالإجماع) (٨).

وعلى هذا فلا اعتبار بمخالفة الظاهرية في هذه المسألة، لأنهم سبقوا بالإجماع، وقد قرر أهل العلم أنه لا عبرة بخلافهم المبني على أصولهم التي يخالفون فيها عامة أهل العلم (٩). وخلافهم هنا مبني على استصحاب براءة الذمة مع أنه وجد الدليل الناقل عنها، ثم إن القياس والاعتبار كما يقول ابن رشد يؤيد القول بوجوب زكاة العروض من وجهين:

الأول: أن العروض المتخذة للتجارة مال مقصود به التنمية، فأشبه الماشية والحرث والنقدين، بل غالب أموال الناس تجارة، فلو قلنا: ليس فيها زكاة، لسقطت الزكاة في جزء كبير من أموال المسلمين (١٠).


(١) "التمهيد" (١٧/ ١٣٠).
(٢) "الإجماع" ص (٥١).
(٣) "المغني" (٤/ ٢٤٨).
(٤) "المحلى" (٥/ ٢٣٣).
(٥) "الدرر البهية" ص (٢٣)، "السيل الجرار" (٢/ ٢٦، ٢٧).
(٦) "تمام المنة" ص (٣٦٣).
(٧) "الأموال" ص (٤٣٤).
(٨) "معالم السنن" (٢/ ٢٢٣).
(٩) انظر: "البحر المحيط" (٤/ ٤٧١).
(١٠) "بداية المجتهد" (٢/ ٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>