للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نصف العضد والساق، والثالث: يستحب إلى المنكبين والركبتين، وأحاديث الباب تقتضي هذا كله .. ) (١). وأما الزيادة في الوجه فهي غسل شيء من مقدم الرأس.

واستدل الأولون القائلون بعدم جواز مجاوزة محل الفرض بالكتاب والسنة، والنظر.

أما الكتاب فقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} … } الآية. ووجه الدلالة: أن الله تعالى حد محل الفرض من أعضاء الوضوء المغسولة والممسوحة، والآية من اخر ما نزل من القران، والتحديد يقتضي عدم الزيادة على ما حدد، وإلا لم يكن للتحديد فائدة.

وأما السنة فإن الذين وصفوا وضوء النبي صلّى الله عليه وسلّم كعثمان وعلي وعبد الله ابن زيد وغيرهم رضي الله عنهم لم يذكر واحد منهم أنه زاد عن المحل الذي أمر بغسله أو مسحه، بل كان يغسل ذراعيه حتى يُشرع في العضد لإدخال المرفقين، ويغسل رجليه حتى يشرع في الساق لإدخال الكعبين - كما في لفظ مسلم المتقدم - ولم ينقل عنه زيادة على ذلك، ولو كانت الزيادة مشروعة لبينها النبي صلّى الله عليه وسلّم وفعلها ولو مرة واحدة.

وأما النظر فمن وجوه:

الأول: أن الزيادة على المحل تؤدي إلى تداخل الأعضاء، فإذا زيد في غسل الوجه تعدى إلى الرأس وأصبح الممسوح مغسولاً، والوجه مستقل والرأس مستقل، وإن قيل: الغرة في الوجه أن يغسل إلى صفحتي العنق، فالعنق عضو مستقل ليس من أعضاء الوضوء.

الثاني: أن الزيادة تؤدي إلى كون غير المأمور به مأموراً به، كالعضد فإنه ليس من أعضاء الوضوء.

الثالث: أن الغرة لا يمكن إطالتها - كما تقدم - فإنها مختصة بالوجه،


(١) "شرح صحيح مسلم" (٣/ ١٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>