للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقد أخرجه أحمد (٥/ ٢٧٦)، وأبو داود (١٧٤٠)، والترمذي (٨٣٢) من طريق يزيد بن أبي زياد، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن جده، به. وقال الترمذي: (هذا حديث حسن).

وهذا فيه نظر، فقد أعله الإمام مسلم بأن يزيد بن أبي زياد ممن اتقى الناس حديثه، ومحمد بن علي لا يعلم له سماع من ابن عباس (١)، ولا أنه لقيه، أو رآه. وقد ذكر البيهقي أن يزيد بن أبي زياد قد تفرد به (٢).

الوجه الثاني: حديث ابن عمر رضي الله عنهما عند البخاري دليل على أن ذات عرق هو ميقات أهل العراق، وهو ميقات خاص بهم غير ميقات أهل نجد، وأن الذي وقَّته لهم هو عمر رضي الله عنه عندما تأسس المصران: البصرة والكوفة، وأخبروه أن الإحرام من ميقات أهل نجد - وهو قرن - فيه مشقة عليهم، لكونه ليس على طريقهم. فقال: (فانظروا حذوها من طريقكم، فحدَّ لهم ذات عرق)، والمعنى: انظروا ما يقابل ميقات نجد من الأرض التي تسلكونها من غير مَيْل فاجعلوه ميقاتاً.

وذات عِرق: بكسر العين وسكون الراء، سمّي بذلك لعرق فيه؛ أي: جبل صغير. ويسمّى: الضريبة، ويقع عن مكة شرقاً بمسافة (١٠٠) كيل. وهو الآن مهجور لعدم وجود الطريق عليه، وصار الحجاج القادمون من المشرق يسلكون الطريق المؤدي إلى مكة مروراً بميقات قرن المنازل، وهو السيل الكبير.

وأما العقيق فهو واد عظيم يقع شرق مكة محاذياً لذات عرق شرقاً، يبعد عنها (٢٠) كيلاً، وعن مكة (١٢٠) كيلاً.

الوجه الثالث: حديث ابن عمر رضي الله عنهما في توقيت عمر ذات عرق لأهل العراق، وقوله: (انظروا حذوها من طريقكم) هو الأصل في مسألة محاذاة


(١) "التمييز" ص (٢١٥).
(٢) "معرفة السنن والآثار" (٧/ ٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>