للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بل المراد ما تقدم، ولو اقتصر الفقهاء على ما ورد في السنة وألحق به ما أشبهه لكان أوضح، وأبعد عن الإيهام.

الوجه الرابع: الحديث دليل على منع المحرم من الثياب المطيبة بزعفران أو ورس، ويقاس عليهما أنواع الطيب، وإلا فإن الورس ليس بطيب، وهذا عام للذكور والإناث، قال ابن العربي: (ليس الورس بطيب، ولكنه نبه به على اجتناب الطيب وما يشبهه في ملاءمة الشم .. ) (١).

الوجه الخامس: الحديث دليل على جواز لبس الخفين لعادم النعلين، إذا قطعهما من أسفل الكعبين، ولكن الأمر بالقطع منسوخ، والناسخ حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم يخطب بعرفات: «من لم يجد نعلين فليلبس الخفين، ومن لم يجد إزاراً فليلبس السراويل» (٢).

فهذا ناسخ لما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما؛ لأنه وقع في جمع عظيم لعل أكثرهم أو الكثير منهم لم يسمع حديث ابن عمر، ولا يقال: إن حديث ابن عباس مقيد بحديث ابن عمر؛ لأن الإطلاق وقع في عرفة، وهم في أمسِّ الحاجة إلى البيان، فلو قيل بالحمل لكان في ذلك تأخير البيان عن وقت الحاجة، وهو لا يجوز (٣).

الوجه السادس: دلت رواية البخاري التي ذكرنا على أن المرأة تحرم بما شاءت من الثياب من غير تقييد بلون معين، بشرط ألا تكون ملابس زينة تجلب النظر، والأفضل لها أن تحرم بشُرَّاب الرِّجلين؛ لأنه أستر لها، وتمتنع من شيئين:

الأول: النقاب: وهو ما يُنقب فيه للعينين.

الثاني: القفاز: وهو غلاف ذو أصابع تدخل فيه الكف.

الوجه السابع: جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: خطبنا النبي صلّى الله عليه وسلّم بعرفات فقال: «من لم يجد إزاراً فليلبس السراويل .. » (٤)، وعنه - أيضاً - في


(١) "عارضة الأحوذي" (٤/ ٥٤)، "فتح الباري" (٣/ ٤٠٤).
(٢) أخرجه البخاري (١٨٤٣)، ومسلم (١١٧٨).
(٣) انظر: "بدائع الفوائد" (٣/ ١٢٤٤)، "القواعد الأصولية" لابن اللحام ص (٢٨٤).
(٤) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>