للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مساكينه قبل تغيره لحصول المقصود (١). والأول أقرب، لظاهر الحديث، فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر كعب بن عجرة بالفدية، وهذا في الحديبية - كما تقدم ـ، ولم يأمره ببعثه إلى الحرم (٢).

الوجه السادس: حلق الرأس هو المحظور الوحيد الذي دل النص على وجوب الفدية فيه، وأما غيره من محظورات الإحرام، كتغطية الرأس، أو الطيب، أو حلق بقية شعر البدن، ونحوها فإيجاب الفدية بطريق القياس على فدية حلق الرأس، وذكر العلماء أن العلة هي الترفه؛ لأن حلق شعر الرأس تحصل به النظافة، بدليل أنه كلما نما الشعر زاد وسخه وكثر فيه القمل والرائحة، لكن قد ينازع في هذا القياس بأن المحرم ليس ممنوعاً من الترفه، فله أن يترفه في الأكل، بأن يأكل من الطيبات ما شاء، وله أن يترفه في اللباس، وله أن يترفه بإزالة الأوساخ بالاغتسال ونحوه.

الوجه السابع: دل الحديث على أن الفدية على التخيير بين الأمور الثلاثة: الإطعام، أو ذبح الشاة، أو الصيام، مع أن كثيراً ممن يفتون الناس بما يجب على من فعل محظوراً، يلزمونه بالدم، وهذا فيه تضييق، وإنما هو مخير بين الأشياء المذكورة، فيختار واحداً منها.

الوجه الثامن: ورد النص بحلق شعر الرأس، وقد ذهب الجمهور من أهل العلم إلى تحريم أخذ شيء من شعر البدن قياساً على شعر الرأس، وأن ذلك من محظورات الإحرام، على خلاف بينهم فيما يجب على من فعل ذلك؛ بل حكاه ابن المنذر وابن عبد البر وغيرهما إجماعاً (٣).

قال الإمام أحمد: (شعر الرأس، واللحية، والإبط، لا أعلم أحداً فرق بينهما) (٤)، وذهب داود الظاهري إلى جواز أخذ شعر البدن غير الرأس، وأنه


(١) انظر: "المجموع" (٧/ ٥٠٠).
(٢) "تفسير الطبري" (٤/ ٨٢)، "المغني" (٥/ ٤٥٠).
(٣) "الإجماع" ص (٥٢) "الاستذكار" (١٢/ ٤٦).
(٤) "شرح العمدة" لابن تيمية (٢/ ٧). وقوله: (بينهما) لعلها: (بينها).

<<  <  ج: ص:  >  >>