للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رحمة الله عزّ وجل، كما كانت أم إسماعيل رضي الله عنها في ضرورة إلى رحمة الله عزّ وجل، ومعنى ذلك أن المسلم يفزع إلى الله تعالى، ويستغيث به من آثار الذنوب وعواقبها، وذلك بالإلحاح في الدعاء، وصدق الالتجاء إلى الله تعالى.

وليس للسعي - كالطواف - دعاء معين، وأما تخصيص كل شوط بدعاء معين، فهذا لا أصل له، وإن دعا بين العلمين بقوله: (ربّ اغفر وارحم، إنك أنت الأعز الأكرم) فحسن، لثبوت ذلك عن ابن عباس وابن عمر (١) رضي الله عنهم.

وقوله: (فذكر الحديث) هنا اختصار، فإن الحافظ حذف ما يتعلق بالأمر بفسخ الحج إلى العمرة، حيث أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم الصحابة رضي الله عنهم الذين ليس معهم هدي بالتحلل بعمرة بعد ما أتموا السعي، وقد تقدم الكلام على شيء من ذلك.

الوجه العشرون: قوله: (فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى … ) في «صحيح مسلم»: (فأهلوا بالحج)، وعلى هذا فمعنى (توجهوا): قصدوا وتهيأوا للرحيل من الأبطح، لا أنهم توجهوا بمشيهم إلى منى، فأحرموا منها، للإجماع على أنهم أحرموا في مكة (٢). ويوم التروية: هو اليوم الثامن من ذي الحجة، سمي بذلك لأنهم كانوا يرتوون من الماء لما بعده، أي: يسقون ويستقون.

وكان صلّى الله عليه وسلّم قد أقام بالأبطح حتى صبح اليوم الثامن، والأبطح: هو مسيل فيه دقاق الحصى، يقع شرقي مكة، فأحرم النبي صلّى الله عليه وسلّم في هذا المكان ومعه أصحابه قبل الزوال، ثم توجهوا إلى منى، وكان ذلك يوم الخميس.

والسنّة أن يحرم الحاج من المكان الذي هو فيه، سواء أكان في الأبطح أم في منى، والمكي إذا أراد الحج يُحرم من أهله.

وأما قول البهوتي شارح «الزاد»: (والأفضل من تحت الميزاب) (٣)، أي:


(١) رواه ابن أبي شيبة (٤/ ٦٨ - ٦٩) بإسنادين صحيحين، كما قال الألباني في "مناسكه" ص (٢٦).
(٢) "المفهم" (٣/ ٣٣٠).
(٣) "الروض المربع" (٤/ ١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>