للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ميزاب الكعبة الذي يصب في الحِجْرِ، فهذا اجتهاد منه، وهو مخالف للسنة، فإنه لم ينقل أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أحرم من تحت الميزاب ولا أحد من أصحابه رضي الله عنهم.

الوجه الحادي والعشرون: قوله: (وركب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر)، أي: صلى كل صلاة في وقتها قصراً من غير جمع، وإنما ذكر جابر رضي الله عنه عدد هذه الصلوات الخمس هنا ليعلم الوقت الذي وصل فيه إلى منى، والوقت الذي خرج فيه منها إلى عرفة، والخروج إليها ومنها على هذه الصفة استحبه العلماء، استحبوا البيات في منى، وألا يخرج منها الحاج حتى تطلع شمس اليوم التاسع.

الوجه الثاني والعشرون: قوله: (حتى طلعت الشمس فأجاز حتى أتى عرفة) عرفة: مشعر خارج حدود الحرم؛ لأنها واقعة في الحل، وهي اسم لمكان الوقوف في الحج، سميت عرفة لارتفاعها على ما حولها، ويقال: عرفات، كما في القرآن.

وقوله: (فأجاز) يقال: جاز المكان: سار فيه، وأجازه؛ قطعه، والمعنى: جاوز المزدلفة ولم يقف بها؛ بل توجه إلى عرفات. وهذا فيه دليل على أنه يسن للحاج أن يبيت ليلة التاسع في منى إن تيسر، أما البيات قصداً في عرفة ليلة التاسع فهذا خلاف السنة.

الوجه الثالث والعشرون: قوله: (فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها) نَمِرَةُ: بفتح النون وكسر الميم، جبال صغار هي منتهى حد الحرم من الجهة الشرقية، فهي محاذية لأنصاب الحرم، ووادي عرنة يفصل بينها وبين عرفة. والقبة: خيمة صغيرة.

وظاهر السياق يشعر بأن نمرة في عرفة، وبذلك قال بعض الفقهاء وعلماء اللغة.

والقول الثاني: أن نمرة ليست من عرفة، وبه جزم النووي، وابن تيمية، وابن القيم، وآخرون (١)، ويترتب على هذا الخلاف حكم حَجِّ من وقف بنمرة


(١) انظر: "المجموع" (٨/ ١٠٦)، "الفتاوى" (٢٦/ ١٢٩)، "زاد المعاد" (٢/ ٢٣٣)، "مفيد الأنام" ص (٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>