للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلى الغروب ثم دفع إلى مزدلفة (١).

وعلى القول بأنها ليست من عرفة يكون معنى قوله: (حتى أتى عرفة) قارَبَ عرفة، أو أن مراد جابر أن منتهى سيره عرفة، وأنه لم يفعل كما تفعل قريش في الجاهلية، فتنتهي بمزدلفة وتقف فيه يوم عرفة.

وهذا القدر فيه فائدتان:

الأولى: جواز الاستظلال بما ليس ملاصقاً للرأس، كالشمسية، والخيمة، وسقف السيارة، ونحوها.

الثانية: استحباب الجلوس في نمرة إلى زوال الشمس إن تيسر - على أحد القولين - بناءً على أن الأصل التعبد في جميع أفعال الحج، إلا ما قام الدليل على أنه ليس كذلك، وإلا ذهب إلى عرفات واستقر بها ولو قبل الزوال.

الوجه الرابع والعشرون: قوله: (حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء، فرحلت له، فأتى بطن الوادي … )، المراد بالوادي: وادي عرنة الذي فيه مقدمة المسجد؛ لأن المسجد بعضه في عرفة وبعضه خارج عرفة، وبطن الوادي موضع متسع، ولذا خصَّه النبي صلّى الله عليه وسلّم بخطبته، ولم يكن في هذا الموضع مسجد، وإنما بني في أول دولة بني العباس (٢).

وهذا فيه بيان ما يفعله الإمام في عرفة، وهو أن يخطب الناس خطبة واحدة، يعلمهم ما يحتاجون إليه من مسائل العقيدة وأحكام دينهم، ويحثهم على الاجتماع والائتلاف، ويحذرهم التفرق والاختلاف، ويبين لهم مكائد الأعداء ودسائس المتربصين، والمقصود أن الخطبة يراعى فيها ما يناسب الزمان، إضافة إلى ما تقدم.

وليست خطبة النبي صلّى الله عليه وسلّم يوم عرفة خطبة جمعة، وإنما هي خطبة تعليم، ولذا خطب قبل الأذان ولم يجهر بالقراءة، فدل على أنه لم يصلِّ جمعة، وقد ذكر جابر خطبة النبي صلّى الله عليه وسلّم في عرفة.


(١) انظر: "شرح حديث جابر - رضي الله عنه -" للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله ص (٥١، ١٠٧).
(٢) "مجموع الفتاوى" (٢٦/ ١٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>