وقوله:(السكينة السكينة) منصوب على الإغراء بفعل محذوف؛ أي: الزموا.
وقوله:(كلما أتى حبلاً … ) في «صحيح مسلم»(من الحبال) وهو التل اللطيف من الرمل الضخم، والمعنى: أنه إذا أتى حبلاً من حبال الرمل أرخى لناقته قليلاً من أجل أن تصعد؛ لأن الناقة إذا شُدَّ زمامها شق عليها الصعود. وهذا فيه دليل على أنه ينبغي الدفع إلى مزدلفة بسكينة ووقار وخشوع وتكبير وتلبية، لئلا يضر الناس بعضهم بعضاً، وهذا يتأكد بالنسبة لسائقي السيارات، فإن عليهم السكينة والحرص على النظام ومراعاة خط السير، فإن وجد طريقاً مشى، وإلا انتظر حتى يمشي الذي أمامه، فهذا آمن له ولمن معه ولغيره من الحجاج.
الوجه التاسع والعشرون: قوله: (حتى أتى المزدلفة، فصلى بها … ) المزدلفة: أحد المشاعر المقدسة، بين عرفة ومنى، سُميت بذلك لاقتراب الناس إلى منى بعد الإفاضة من عرفات واجتماعهم فيها، والازدلاف: الاجتماع والاقتراب (١)، وسيأتي بيان حدودها إن شاء الله، وهذا القدر من الحديث فيه بيان ما يفعله الحاج بعد وصوله المزدلفة، وهو كما يلي:
١ - مشروعية الجمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامة لكل صلاة، وذلك قبل حط الرحال أو عمل الطعام، سواء وصلوا إليها في وقت المغرب أم في وقت العشاء، وقد مضى في باب «الأذان» الكلام على مسألة الأذان والإقامة في مزدلفة، حيث ساق الحافظ هذا القدر من الحديث هناك.
٢ - مشروعية ترك التنفل بين المجموعتين وإن كان الجمع تأخيراً، وكذا راتبة المغرب والعشاء، أما راتبة الفجر فلا تترك حضراً ولا سفراً، وكون جابر رضي الله عنه لم يذكرها، لا يدل على أنه صلّى الله عليه وسلّم تركها؛ لأن جابراً لم يذكر كل شيء فعله النبي صلّى الله عليه وسلّم في حجه؛ بل ترك أشياء.
٣ - أنه لا يشرع إحياء ليلة المزدلفة بصلاة ولا دعاء؛ لظاهر قوله: (ثم