للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ترك المبيت: (لا شيء عليه، وقد أساء) (١).

ومن اجتهد ولم يجد مكاناً يليق به سقط عنه وله أن يبيت خارجها في أي مكان شاء ولا شيء عليه (٢)، لعموم قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]، وقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦]، وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» (٣)، ومن قواعد الشريعة المجمع عليها: (أنه لا واجب مع العجز)، وهذا عاجز عن الوصول إلى منى؛ فسقط عنه المبيت.

وليس من ذلك المبيت في الشوارع وعلى الأرصفة في طرق الناس والسيارات، ولا سيما من معه نساء، فإن في ذلك ضرراً عظيماً، وخطراً جسيماً لا تأتي الشريعة بمثله، فإذا وجد العذر سقط الواجب، ولا يلزم البحث عن المكان إذا كان يغلب على ظنه عدم الحصول عليه، كما في زماننا هذا.

الوجه الخامس: الحديث دليل على سقوط المبيت عن أهل السقاية ورعاة الإبل؛ لأنهم يحتاجون البعد عن منى ليجدوا مكاناً أحسن رعياً من غيره، فيسقط عنهم المبيت، مراعاة للمصلحة العامة، وقد ألحق بهم أهل العلم من يماثلهم، وهو كل من اشتغل بمصلحة عامة، كرجال المرور، ورجال الإسعاف، والأطباء، ونحوهم.

أما من له عذر خاص، كمريض نُقل للمستشفى خارج منى، أو مرافق مريض، أو من له أهل بمكة يخشى عليهم، ونحو هؤلاء، فقيل: يقاس على أهل السقاية بجامع العذر في كل منهم، وقيل: لا يقاس؛ لأن هذا عذر خاص، والأول عام لمصلحة الناس.

الوجه السادس: ظاهر حديث عاصم بن عدي أن أهل السقاية يرمون كغيرهم من الحجاج، أما الرعاة فإنهم يرمون يوم النحر مع الناس، ثم يذهبون لرعي إبلهم، فإذا عادوا يوم النفر الأول رموا عن اليومين: الحادي عشر


(١) المصدر السابق.
(٢) انظر: "فتاوى ابن باز" (١٧/ ٣٦٢).
(٣) أخرجه البخاري (٧٢٨٨)، ومسلم (١٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>