للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مسوق لبيان حكم البيع، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما ذكر تحريم بيع الميتة طلبوا منه أن يرخص لهم في بيع الشحوم لهذه المنافع التي ذكرها. ولقوله في آخر الحديث: "جملوه، ثم باعوه".

والقول الثاني: أن الضمير عائد على الانتفاع والأفعال المسؤول عنها، وقال: "هو حرام" ولم يقل: هي؛ لأنه أراد المذكور جميعه، ويؤيد ذلك أن الضمير يرجع إلى أقرب مذكور، ومن جهة المعنى أن إباحة هذه الأشياء ذريعة إلى اقتناء الشحوم وبيعها.

والحديث محتمل لرجوع الضمير إلى البيع أو رجوعه إلى الانتفاع، والأول أقرب إلى السياق، كما تقدم.

قوله: (قاتل الله اليهود) أي: أهلكهم؛ لأن من قاتله الله فقد هلك، وهذا دعاء عليهم بالهلاك، وقيل معناه: لعنهم الله وطردهم من رحمته، ذكر هذا المفسرون عند قوله تعالى في سورة براءة: {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [التوبة: ٣٠] (١)، وقد ورد في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: بلغ عمر أن سمرة باع خمرًا، فقال: قاتل الله سمرة، ألم يعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لعن الله اليهود، حُرمت عليهم الشحوم فجملوها، فباعوها" (٢).

قوله: (جملوه) بفتح الجيم والميم المخففة؛ أي: أذابوه حتى يصير وَدَكًا، فيزول عنه اسم الشحم، احتيالًا على الوقوع في المحرم، حيث حُرِّم عليهم الشحم، فباعوه وأكلوا ثمنه، وذلك لأن الشحم المذاب لا يطلق عليه لفظ الشحم في عرف العرب، بل يسمونه: الودك، والضمير في قوله: "جملوه" يعود على الشحوم بتأويله بلفظ: المذكور.

° الوجه الثالث: الحديث دليل على تحريم بيع الخمر وعملها وشربها لما فيها من المفاسد وضياع العقل، ولنجاستها على قول الجمهور، كما تقدم في "الطهارة".


(١) "فتح القدير" (٢/ ٣٥٣).
(٢) أخرجه البخاري (٢٢٢٣)، ومسلم (١٥٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>