للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عدا الأكل حلال، ويستثنى من ذلك السمك والجراد لحل ميتته، وما لا تدخله الحياة كالشعر والصوف والوبر والريش؛ لأنه لا يكتسب من خبثها، ولا يصدق عليه أنه ميتة، وهذا قول الجمهور (١)، وانفرد الشافعي بالقول بنجاستها؛ لأن اسم الميتة يتناولها.

وأما حكم الجلد فتقدم الكلام عليه في باب "الآنية" من كتاب "الطهارة".

وقد اختلف العلماء في حكم الانتفاع بشحوم الميتة، وسبب الخلاف مرجع الضمير في قوله: "هو حرام" هل يعود على البيع أو على الانتفاع؟.

فالقول الأول: أنه لا يجوز الانتفاع بشحوم الميتة، وعزاه النووي إلى الجمهور (٢)، قالوا: لأن الضمير يعود على الانتفاع؛ لأنه أقرب مذكور، ولأن إباحة الانتفاع ذريعة إلى اقتناء الشحوم وبيعها، واختار هذا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.

والقول الثاني: يجوز الانتفاع بشحوم الميتة في غير الأكل، كطلي السفن، والاستصباح، ونحو ذلك، وهذا قول الشافعي، ورواية عن أحمد، اختارها ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم (٣)، واستدلوا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما حَرُمَ من الميتة أكلها"، ولأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ثبت عنه أنه نهى الصحابة - رضي الله عنهم - عن الاستسقاء من آبار ثمود، وأباح لهم أن يطعموا ما عجنوا من تلك الآبار للبهائم (٤).

وهذا قول قوي؛ لأن الانتفاع بالشحوم في غير الأكل انتفاع محض لا مفسدة فيه، فيجوز الانتفاع بها في مثل ذلك دون بيعها، وقد ذكر ابن القيم أن باب الانتفاع أوسع من باب البيع، فليس كل ما حرم بيعه حرم الانتفاع به، إذ لا تلازم بينهما، فلا يؤخذ تحريم الانتفاع من تحريم البيع (٥).


(١) "زاد المعاد" (٥/ ٧٥٣).
(٢) "شرح صحيح مسلم" (٩/ ١١).
(٣) "مجموع الفتاوى" (٢١/ ٨٣، ٥١١)، "زاد المعاد" (٥/ ٧٤٩).
(٤) أخرجه البخاري (٣٣٧٨)، ومسلم (٢٩٨١) من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -.
(٥) "زاد المعاد" (٥/ ٧٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>