للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي الحديث خطأ آخر وقع فيه معمر، وهو الزيادة التي تفرق بين السمن الجامد والذائب، فتكون مخالفة معمر حصلت في الإسناد والمتن، ومعمر معروف بالغلط، ولا سيما أحاديثه في البصرة، قال أبو حاتم الرازي: (ما حدَّث بالبصرة ففيه أغاليط، وهو صالح الحديث) (١)، ومعظم الذين رووا عنه هذا الحديث بصريون. ويكون الحديث بهذا التفصيل غير محفوظ، وإنما المحفوظ أن الحديث من مسند ميمونة، لا من مسند أبي هريرة، كما أن المحفوظ هو عدم التفصيل بين الجامد والمائع.

وظن طائفة من العلماء أن حديث معمر محفوظ، فعملوا به، وممن أثبته محمد بن يحيى الذهلي، فيما جمعه من أحاديث الزهري، وكذا احتج به أحمد لما أفتى بالفرق بين الجامد والمائع، وكان أحمد يحتج أحيانًا بأحاديث ثم يتبين له أنها معلولة (٢).

° الوجه الثاني: حديث ميمونة - رضي الله عنها - دليل على أن الفأرة إذا وقعت في السمن وماتت فيه نَجَّست ما حولها مما وقعت فيه، فيجب إلقاؤها وإلقاء ما حولها، ويحكم على البقية بأنه طاهر، لا تسري النجاسة إلى كل أجزائه، فيجوز أكله، ولا فرق في ذلك بين كثير السمن وقليله.

وظاهر الحديث أنه لا فرق بين الجامد والمائع، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أجاب من سأله جوابًا عامًّا مطلقًا بأن يلقوها وما حولها، وأن يأكلوا سمنهم، ولم يستفصلهم هل كان سمنهم مائعًا أو جامدًا مع أن الغالب على سمن الحجاز أنه مائع.

وحد الجامد: ما إذا أُخذ منه شيء لم يترادَّ من الباقي مكانه، ولا يسيل إذا كسر إناؤه، وأما المائع، فهو عكسه: فإنه يتراد عند الأخذ منه، ويسيل إذا كسر إناؤه، وهذا قول بعض أهل الحديث كالبخاري، كما تشعر بذلك ترجمته على حديث ميمونة، وهو رواية عند الحنابلة، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (٣).


(١) "الجرح والتعديل" (٨/ ٢٥٧)، وانظر: "مرويات الزهري" (٢/ ٩٨٠).
(٢) "الفتاوى" (٢١/ ٤٩٣).
(٣) انظر: "الفتاوى" (٢١/ ٤٨٨ - ٥٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>